أخذ الأجرة على الإفتاء مسألة محل خلاف بين العلماء، فذهب جمهور الفقهاء (الحنفية والشافعية والحنابلة) إلى أنه لا يجوز أخذ الأجرة من عين المستفتي ولكن يجوز أخذ الأجرة من الدولة، وذهب فقهاء المالكية إلى أنه يجوز للعالم أخذ الأجرة على الفتيا إذا لم تتعين عليه.
ونرى أنه لا حرج في الأخذ برأي المالكية، وذلك لأن دور الإفتاء الرسمية لا يمكنها أن تفي بحاجة المستفتين، نظرا لسرعة نمط الحياة وما ينتج عن ذلك من مشكلات في مجالات الحياة المختلفة الاجتماعية والاقتصادية … مما تعجز معه دور الإفتاء أن تفي بحاجة السائلين، ولذلك فلا حرج في وجود شركات تتقاضى أجرا على الفتيا مع مراعاة ألا يكون في ذلك نوع من المتاجرة، وألا يكون وسيلة للثراء والغنى الفاحش، وألا يتصدى للفتيا من ليس أهلا لها ففي الأثر : ” أجرؤكم على الفتيا أجرؤكم على النار ” .
جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية:
الأولى للمفتي أن يكون متبرعا بعمله ولا يأخذ عليه شيئا . وإن تفرغ للإفتاء فله أن يأخذ عليه رزقا من بيت المال على الصحيح عند الشافعية ، وهو مذهب الحنابلة ، واشترط الفريقان لجواز ذلك شرطين :
الأول : أن لا يكون له كفاية .
والثاني : أن لا يتعين عليه ، فإن تعين عليه ، بأن لم يكن بالبلد عالم يقوم مقامه ، أو كان له كفاية لم يجز>
وقال ابن القيم : إن لم يكن محتاجا ففيه وجهان ، لتردده بين القياس على عامل الزكاة أو على العامل في مال اليتيم .
وألحق الخطيب البغدادي وأبو القاسم الصيمري (من فقهاء الشافعية) بذلك: أن يحتاج أهل بلد إلى من يتفرغ لفتاويهم ، ويجعلوا له رزقا من أموالهم ، فيحوز ، ولا يصلح ذلك إن كان له رزق من بيت المال ، قال الخطيب : وعلى الإمام أن يفرض لمن نصب نفسه للفتوى في الأحكام ما يغنيه عن الاحتراف ، ويكون ذلك من بيت المال ، ثم روى بإسناده أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أعطى كل رجل ممن هذه صفته مائة دينار في السنة . وأما الأجرة ، فلا يجوز أخذها من أعيان المستفتين على الأصح عند الشافعية ، وهو مذهب الحنفية والحنابلة، قال الحنابلة : لأن الفتيا عمل يختص فاعله أن يكون من أهل القربة ، ولأنه منصب تبليغ عن الله ورسوله ، فلا تجوز المعاوضة عليه ، كما لو قال له: لا أعلمك الإسلام أو الوضوء أو الصلاة إلا بأجرة ، قالوا : فهذا حرام قطعا ، وعليه رد العوض ، ولا يملكه ، قالوا : ويلزمه الإجابة مجانا لله بلفظه أو خطه إن طلب المستفتي الجواب كتابة ، لكن لا يلزمه الورق والحبر.
وأجاز الحنفية وبعض الشافعية أخذ المفتي الأجرة على الكتابة ، لأنه كالنسخ . وقال المالكية : يجوز للمفتي أخذ الأجرة على الفتوى إن لم تتعين عليه .