وردت أحاديث صحيحة كثيرة تبين للمسلمين من هو الأولى بإمامتهم في الصلاة ومن هو الأحق بها ومن ذلك ما روي عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي ﷺ ، قال : ( إِذَا كَانُوا ثَلاثَةً فَلْيَؤُمَّهُمْ أَحَدُهُمْ وَأَحَقُّهُمْ بِالإِمَامَةِ أَقْرَؤُهُمْ ) رواه مسلم برقم 1077
وقال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ” يَؤُمُّ الْقَوْمَ أَقْرَؤُهُمْ لِكِتَابِ اللَّهِ وَأَقْدَمُهُمْ قِرَاءةً فَإِنْ كَانَتْ قِرَاءَتُهُمْ سَوَاءً فَلْيَؤُمَّهُمْ أَقْدَمُهُمْ هِجْرَةً فَإِنْ كَانُوا فِي الْهِجْرَةِ سَوَاءً فَلْيَؤُمَّهُمْ أَكْبَرُهُمْ سِنًّا ..” . رواه مسلم 1079
وخلاصة ما دلت عليه هذه الأحاديث أن الأحق بالإمامة : هو الأقرأ لكتاب الله العالم بفقه صلاته .
ولقد كان الأقرأ مقدّماً في عصر الصحابة ، لأنهم كانوا يتعلمون القراءة الصحيحة للآيات ويتعلمون ما فيها من العلم و العمل ، فجمعوا بين العلم والعمل ولم يكتفوا بالحفظ فقط كما هو الحال في زماننا هذا فكم حافظ للقرآن أو لبعضه متقن لتلاوته ، حسن الصوت به ولكنه لا يعلم من فقه صلاته شيئاً .
فإن استووا في القراءة فأعلمهم بالسنة ، فإن استووا فالأقدم هجرة ، فإن استووا أو لم يكن هناك هجرة فالأكبر سناً ، كما دلّ عليه حديث مَالِكُ بْنُ الْحُوَيْرِثِ قَالَ أَتَيْنَا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَنَحْنُ شَبَبَةٌ مُتَقَارِبُونَ فَأَقَمْنَا عِنْدَهُ عِشْرِينَ لَيْلَةً وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَفِيقًا فَلَمَّا ظَنَّ أَنَّا قَدْ اشْتَهَيْنَا أَهْلَنَا أَوْ قَدْ اشْتَقْنَا سَأَلَنَا عَمَّنْ تَرَكْنَا بَعْدَنَا فَأَخْبَرْنَاهُ قَالَ ارْجِعُوا إِلَى أَهْلِيكُمْ فَأَقِيمُوا فِيهِمْ وَعَلِّمُوهُمْ وَمُرُوهُمْ وَذَكَرَ أَشْيَاءَ أَحْفَظُهَا أَوْ لا أَحْفَظُهَا وَصَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي فَإِذَا حَضَرَتْ الصَّلاةُ فَلْيُؤَذِّنْ لَكُمْ أَحَدُكُمْ وَلْيَؤُمَّكُمْ أَكْبَرُكُمْ رواه البخاري برقم 6705 فلما تساووا في القراءة والعلم والهجرة أمرهم بتقديم الأكبر سناً ، فإن استووا في ذلك فالأتقى لقوله تعالى : ( إن أكرمكم عند الله اتقاكم ) سورة الحجرات ، فإن استووا في الكلّ يُقرع بينهم إن تشاحّوا ،
ولا يصح للمسلمين أن يتنازعوا على الإمامة بأهوائهم الشخصية وإنما عليهم أن يقدّموا من قدّمه الشّرع.