هذه القضية محسومة في الفقه الإسلامي السائد بأنه لا يجوز فسخ هذا النكاح عند أحد من المذاهب الأربعة

 ففي المذهب المالكييفرق بالعيوب التالية : عيوب الرجال وهي (الجب[1], والخصاء ،والعنة[2], والاعتراض[3]) . وعيوب النساء، و هي (الرتق[4], والقرن [5], والعفل [6], والإفضاء [7],  والبخر[8].)

والعيوب المشتركة، و هي : (الجنون , والجذام , والبرص , والعذيطة[9] والخناثة المشكلة[10] )

وفي المذهب الشافعييفرق بالعيوب التالية : (عيوب الرجال وهي : العنة , والجب) . وعيوب النساء وهي : (الرتق , والقرن ) والعيوب المشتركة، و هي : (الجنون , والجذام والبرص .)

 وفي المذهب الحنبلييفرق بالعيوب التالية : عيوب خاصة بالرجال ، وهي ( العنة , والجب .) و وعيوب خاصة بالنساء، و هي ( الفتق , والقرن , والعفل .) و وعيوب مشتركة ,و هي :( الجنون , والبرص , والجذام .)

فذهاب البصر بالكلية ( العمى) ليس عيبا موجبا للفسخ عند أحد من المذاهب الأربعة.

ولأن وراء هذه العيوب معايب أخرى قد تحول دون الاستمتاع بين الزوجين أو تمنع كمال الاستمتاع، أو تجعل الحياة نكدا وشقاء بدلا من أن تكون مودة ورحمة فقد ذهب بعض المحققين إلى رفض هذا التضييق في تعداد المعايب، ووسعوا  الدائرة إلى كل ما من شأنه أن يمنع الاستمتاع الجنسي من أصله أو يمنع من كماله.

فقد جاء في كتاب فقه السنة للشيخ سيد سابق – من علماء مصر- رحمه الله:-

إذا تبين أن الرجل غرر بالمرأة أو أن المرأة غررت بالرجل . مثال ذلك أن يتزوج الرجل المرأة وهو عقيم ، لا يولد له ولم تكن تعلم بعقمه ، فلها في هذه الحال حق نقض العقد وفسخه متى علمت ، إلا إذا اختارته زوجا لها ، ورضيت معاشرته . قال عمر رضي الله عنه لمن تزوج امرأة وهو لا يولد له ، أخبرها أنك عقيم وخيرها.

ومن صور التغرير أن يتزوجها على أنه مستقيم ، ثم يتبين أنه فاسق ، فلها كذلك حق فسخ العقد ، أي تخييرها بين البقاء على العقد وبين فسخه .

ومن ذلك ما ذكره ابن تيمية :إذا تزوج إمرأة على أنها بكر فبانت ثيبا فله الفسخ ، وله أن يطالب بأرش الصداق – وهو تفاوت ما بين مهر البكر والثيب – وإذا فسخ قبل الدخول سقط المهر . وكذلك لا يكون العقد لازما إذا وجد الرجل بالمرأة عيبا ينفر من كمال الاستمتاع . كأن تكون مستحاضة دائما ، فإن الاستحاضة عيب يثبت به فسخ النكاح ، وكذلك إذا وجد بها ما يمنع الوطء كانسداد الفرج .انتهى.

وتخريجا على هذا الاتجاه فإن ضعف البصر ليس مسوغا لفسخ النكاح ، حيث إن هذا المرض لا يمنع الاستمتاع الجنسي ولا كماله ( أي الجماع) فإن الجماع يتم بصاحبة النظارة وغيرها على حد سواء ، والجماع سواء مع صاحبة النظارة أيا كان قدر ضعفه، أي أن الجماع لا يتأثر بضعف البصر لا في أصله ولا في كماله.

ولكنه يؤثر على أنواع الاستمتاعات الأخرى، فقد يحب الرجل أن يرى زوجته بدون نظارة ، وهذا يسهل مع من كان عيب بصره خفيفا، ويصعب مع من كانت ( سالب 5) مثلا مع أن الليزر بإمكانه أن يحسم المسألة فضلا عن العدسات.

وليس معنى هذا أننا نبرىء الزوجة من الذنب ، فلو أن الزوجة كانت تعلم بأن ضعف بصرها ( سالب 5) مثلا وأخبرت الزوج أنه ( سالب 3) فقط فإن هذا معناه أنها غشته وكذبت عليه.

ومع ذلك لا ننصح بالتعجل في طلاقها ؛ فرسولنا يقول : ” لا يفرك مؤمن مؤمنة ، إن كره منها خلقا رضي منه آخر ” والله عز وجل يقول ” فإن كرهتموهن فعسى أن تكرهوا شيئا ويجعل الله فيه خيرا كثيرا ”

وإذا الحال لم يصل مع الزوج إلى كره الزوجة ، فتبصر أمرك أيها الزوج ، ودونك قول الله وقول رسوله .

فإن رأيت طلاقها فلها كل حقوقها من صداق وغيره، وحتى لو كانت غشتك فبمجرد دخولك بها فهذا يجعل لها المهر كاملا.

[1]- الجب : هو قطع الذكر.

[2]- العجز عن الجماع بسبب عدم القدرة على الانتصاب أو بسبب صغر الذكر .

[3]- العجز عن الجماع بسبب عدم القدرة على الانتصاب

[4]- الرتق :  انسداد مسلك الذكر من الفرج بحيث لا يمكن معه الجماع إلا أنه إذا انسد بلحم أمكن علاجه وبعظم لم يمكن عادة.

[5]- القرن :  شيء يبرز في فرج المرأة يشبه قرن الشاة يكون من لحم غالبا فيمكن علاجه وتارة يكون عظما فلا يمكن علاجه عادة.

[6]- لحم يبرز في فرج المرأة، ولا يسلم غالبا من رشح ، وقيل : إنه رغوة في الفرج تحدث عند الجماع.

[7]-  الإفضاء : اختلاط مسلكي الذكر والبول وأولى منه اختلاط مسلكي الذكر والغائط.

[8]- البخر : نتن الفرج.

[9]- التغوط عند الجماع.

[10]- الخنثى المُشْكل : وهو الذي تختلط فيه علامات الذكورة والأنوثـة فلا يعلم إن كان رجلاً أو امرأة.