الاهتمام بالجسم، وتعهده بالرياضة ليصبح جسما قويا أمر رغب فيه الإسلام، ولكنه يبقى وسيلة لا غاية، فليس بناء الأجسام هدفا في ذاته، ولكنه معدود في الإسلام من جملة الوسائل المحمودة التي تعين على إحقاق الحق، وإزهاق الباطل.

والنظر إلى العورات لا يجوز في جد ولا في لعب، فلا يجوز للمرأة أن ترى فخذ رجل إلا زوجها ، وكذلك لا يجوز للرجل أن يرى فخذ رجل عند كثير من العلماء.

يقول الشيخ محمد صالح المنجد:-
رياضة كمال الأجسام أو بناء الأجسام تهدف إلى إعداد الجسم القوي الصحيح ، وهو هدف مطلوب مرغوب فيه.
وقد اهتم الإسلام بالإنسان روحاً وجسداً ، وشجع على أنواع من الرياضة يبنى بها الجسم ، وتحفظ بها الصحة، ويحصل بها الترويح والترفيه، كالسباحة ، والرماية ، وركوب الخيل، والمبارزة، والمصارعة.
إلا أن الإسلام عندما يقبل بالرياضة ويدعو لمزاولتها ، لا يجعلها غاية في نفسها، بل اعتبرها وسيلة لصيانة حرمات الدين وكرامة وحقوق المسلمين ؛ إيماناً منه بأن القوة من أهم أسباب النصر والتمكين في مواجهة التحديات وفي تعبيد العقبات التي تقف في وجه الإسلام.
فإذا كان الغرض من الرياضة هو إعداد الجسم ليكون صالحاً لأداء فريضة الجهاد قادراً على إعلاء كلمة الله فالرياضة مطلوبة . قال تعالى : ” وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ” الأنفال/60 . وقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف. رواه مسلم.
وإذا كان الغرض هو الترويح عن النفس، والمحافظة على الصحة، كانت الرياضة مباحة.

وإذا اشتملت على محرم كتضييع الصلاة ، أو كشف العورات أو اختلاط بالنساء ونحو ذلك كانت حراماً.
وقد دأب المشتغلون برياضة كمال الأجسام على كشف عوراتهم أثناء ممارسة اللعبة ، وهذا محرم من غير شك ، فعورة الرجل من السرة إلى الركبة ، ولا يجوز له كشفها أمام غير زوجته ، كما لا يجوز له أن ينظر إلى عورة غيره.

والأصل في ذلك قول النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ” ما بين السرة والركبة عورة ” . قال الألباني في “إرواء الغليل” (271) : حديث حسن.

فإن خلت الرياضة من هذه المحاذير فلا حرج في ممارستها.
وينبغي التنبه إلى أمرين:
الأول:أن بعض من يتجه لمثل هذه الرياضة إنما يدفعه إلى ذلك إعجابه بالنفس ومحبته للتكبر والافتخار والاستطالة على الناس بحسن جسمه وقوة عضلاته . . . ودوافع أخرى سيئة ، وبعضها أقبح من بعض. والواجب على المؤمن التنزه عن ذلك وأن يتحلى بحسن الخلق والتواضع والعدل.

الثاني:- أن المبالغة والغلو في تحسين الجسم والاهتمام به ليست أمرا محموداً ، وإنما يحمد من ذلك ما يحفظ على المسلم صحته ، ويعينه على إقامة الدين والجهاد في سبيل الله وأداء العبادات التي تحتاج إلى قوة جسمية كالحج.
وأما الزيادة والغلو في ذلك فإن الغالب أنه يشغل المسلم عما هو أهم ، كما هو واقع من يمارس كثيرا من أنواع الرياضة الآن ، فإنك تراه يتدرب يومياً الساعات الطوال.
وماذا يستفيد المسلم إذا كان جسمه قوياً مفتول العضلات ، كالثور وقلبه خاوٍ من الإيمان ومن كل فضيلة ؟!

ويقول الشيخ العلامة ابن العثيمين:-
ممارسة الرياضة جائزة إذا لم تُلْهِ عن شيء واجب ، فإن ألْهَتْ عن شيء واجب فإنها تكون حراماً ، وإن كانت ديدن الإنسان بحيث تكون غالب وقته فإنها مضيعة للوقت ، وأقل أحوالها في هذه الحالة الكراهة.
أما إذا كان الممارس للرياضة ليس عليه إلا سروال قصير يبدو منه فخذه أو أكثره فإنه لا يجوز ، فإن الصحيح أنه يجب على الشباب ستر أفخاذهم ، وأنه لا يجوز مشاهدة اللاعبين وهم بهذه الحالة من الكشف عن أفخاذهما.انتهى.

وجاء في الموسوعة الفقهية الكويتية ما يلي :ـ

‏ اختلف الفقهاء في عورة الرجل بالنسبة للأجنبية ‏.‏ ‏

‏فيرى الحنفية أن لها النظر إلى ما عدا ما بين السرة إلى الركبة إن أمنت على نفسها الفتنة ‏.‏ ‏

‏والمالكية يرون أن لها النظر إلى ما يراه الرجل من محرمه وهو الوجه والأطراف عند أمن الفتنة ‏.‏ ‏

‏أما الشافعية فلا يجيزون لها النظر إلى ما هو عورة وإلى ما هو غير عورة منه من غير سبب ‏,‏ بدليل عموم آية ‏:‏ ‏{‏ وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ‏}‏ وبدليل ما روت أم سلمة رضي الله عنها قالت ‏{‏ كنت عند رسول الله وعنده ميمونة ‏,‏ فأقبل ابن أم مكتوم وذلك بعد أن أمرنا بالحجاب ، فقال ‏:‏ “احتجبا منه “فقلنا ‏:‏ يا رسول الله أليس أعمى لا يبصرنا ولا يعرفنا ‏؟‏ فقال النبي ‏:‏ “أفعمياوان أنتما ‏,‏ ألستما تبصرانه ‏}‏ ‏.‏ ‏

‏والقول الراجح عند الحنابلة يجيز نظر المرأة إلى ما ليس بعورة من‏عورة الرجل بالنسبة للرجل ‏:‏ ‏ الأجنبي ‏,‏ لحديث عائشة رضي الله عنها ‏{‏ كان رسول الله يسترني بردائه ‏,‏ وأنا أنظر إلى الحبشة يلعبون في المسجد

‏ أماعورة الرجل بالنسبة إلى رجل آخر ‏-‏ سواء كان قريبا له أو أجنبيا عنه ‏-‏ هي ما بين سرته إلى ركبته عند الحنفية ‏,‏ ويستدلون بما روي عن النبي أنه قال ‏:‏ ‏{‏ ما تحت السرة عورة ‏}‏ والسرة عندهم ليست بعورة استدلالا بما روي أن الحسن بن علي رضي الله عنهما أبدى سرته فقبلها أبو هريرة رضي الله عنه ‏,‏ ولكن الركبة عورة عندهم ‏,‏ بدليل ما روي عن النبي أنه قال ‏:‏ ‏{‏ الركبة من العورة ‏}‏ ‏.‏ ‏

‏وما جاز نظره من الرجل بالنسبة للرجل جاز لمسه ‏.‏ ‏

‏والشافعية والحنابلة في المذهب يرون أن الركبة والسرة ليستا من العورة في الرجل ‏,‏ وإنما العورة ما بينهما فقط ‏.‏ ‏

‏لما روي عن أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه قال ‏:‏ قال رسول الله ‏:‏ ‏{‏ ما فوق الركبتين من العورة ‏,‏ وما أسفل السرة وفوق الركبتين من العورة ‏}‏ ‏.‏ ‏

‏والرواية الأخرى عند الحنابلة أنها الفرجان استدلالا بما روى أنس رضي الله عنه ‏{‏ أن النبي حسر يوم خيبر الإزار عن فخذه حتى أني لأنظر إلى بياض فخذه عليه الصلاة والسلام ‏}‏ ‏.‏ ‏

‏وجواز نظر الرجل من الرجل إلى ما هو غير عورة منه مشروط بعدم وجود الشهوة وإلا حرم ‏.‏ ‏‏
‏ويرى المالكية في المشهور عندهم أن عورة الرجل بالنسبة للرجل ما بين السرة والركبة ‏,‏ وعليه فإن الفخذ عورة ولا يجوز النظر إليها في المشهور عندهم ‏,‏ وقيل ‏:‏ لا يحرم وإنما يكره ‏,‏ وقيل ‏:‏ يكره عند من يستحيى منه ‏,‏ بدليل ‏{‏ أن النبي كشف فخذه عند أبي بكر وعمر رضي الله عنهما ‏.‏ ولما دخل عثمان رضي الله عنه ستره وقال ‏:‏ ألا أستحي من رجل تستحي منه الملائكة ‏}‏.