الخمر هي أم الخبائث ومن أجل ذلك “لعن النبي ﷺ في الخمر عشرة؛ عاصرها ومعتصرها -أي طالب عصرها- وشاربها، وحاملها، والمحمولة إليه، وساقيها، وبائعها، وآكل ثمنها، والمشتري لها، والمشتراة له.
وقد اتفق الفقهاء على وجوب الحد على من شرب الخمر سواء سكر أم لم يسكر وقد قام الدليل على وجوب الحد بالسنة والإجماع، وإن كان قد وقع الخلاف حول مقدار الحد بين قائل إنه يجلد أربعين جلدة وقائل بجلده ثمانين جلدة.
جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية ما يلي:
ثبت حد شارب الخمر بالسنة , فقد وردت أحاديث كثيرة في حد شارب الخمر , منها ما روي عن أنس: (أن النبي أتي برجل قد شرب الخمر , فجلده بجريدتين نحو أربعين).
قال: وفعله أبو بكر , فلما كان عمر استشار الناس , فقال عبد الرحمن: أخف الحدود ثمانون، فأمر به عمر .
وعن السائب بن يزيد قال: (كنا نؤتى بالشارب في عهد رسول الله ﷺ وإمرة أبي بكر، وصدرا من خلافة عمر، فنقوم إليه بأيدينا ونعالنا وأرديتنا , حتى كان آخر إمرة عمر، فجلد أربعين، حتى إذا عتوا وفسقوا جلد ثمانين) .
وقد أجمع الصحابة ومن بعدهم على جلد شارب الخمر.
واتفق الفقهاء على وجوب الحد على من شرب الخمر مطلقا أي سواء سكر منها أم لا , وسواء أكان ما شربه منها قليلا أم كثيرا . واختلف الفقهاء في قدر الحد الواجب في شرب الخمر على قولين:
القول الأول: ذهب الحنفية والمالكية والحنابلة في الراجح عندهم وهو مقابل الأصح عند الشافعية إلى أن الحد ثمانون جلدة لا فرق بين الذكر والأنثى، وبه قال الثوري .
واستدلوا على ذلك بإجماع الصحابة فإنه روي أن عمر استشار الناس في حد الخمر فقال عبد الرحمن بن عوف: اجعله كأخف الحدود ثمانين، فضرب عمر ثمانين، وكتب به إلى خالد وأبي عبيدة بالشام .
وروي أن عليا قال في المشورة : إنه إذا سكر هذى وإذا هذى افترى , وعلى المفتري ثمانين .
القول الثاني : ذهب الشافعية في الأصح والحنابلة في رواية ثانية إلى أن قدر الحد أربعون فقط، ولو رأى الإمام بلوغه ثمانين جاز في الأصح عند الشافعية والزيادة على الأربعين تكون تعزيرات.
وقد استدلوا على ذ لك بأن عليا جلد الوليد بن عقبة أربعين ثم قال: (جلد النبي صلى الله عليه وآله وسلم أربعين } , وجلد أبو بكر أربعين , وعمر ثمانين، وكلٌ سنةٌ وهذا أحب إلي .
وعن أنس بن مالك قال: (إن نبي الله ﷺ جلد في الخمر بالجريد والنعال)، ثم جلد أبو بكر أربعين، فلما كان عمر ودنا الناس من الريف والقرى قال : ما ترون في جلد الخمر؟ فقال عبد الرحمن بن عوف : أرى أن تجعلها كأخف الحدود . قال: فجلد عمر ثمانين .
قالوا : وفعل النبي ﷺ حجة لا يجوز تركه بفعل غيره ولا ينعقد الإجماع على ما خالف فعل النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأبي بكر وعلي رضي الله عنهما , فتحمل الزيادة من عمر على أنها تعزير يجوز فعلها إذا رأى الإمام ذلك .