قال تعالى: (يا أيُّها الذِينَ آَمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إَذا اهْتَدَيْتُمْ) هذه الآية تنصُّ على أن الإنسان لا يتحمّل وِزر غيره، إذا كان مُهتديًا لكن الاهتداء لا يكون إلا بالقيام بالواجبات، ومنها الأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر، فالسُّكوت على المنكر ممنوع، ولابدَّ من تغييره بإحدى الوسائل الممكنة، ففي الحديث الشريف “مَنْ رأي منكم مُنكَرًا فليغيرْه بيده، فإن لم يستطع فبلسانِه، فإن لم يستطع فبقلبِه، وذلك أضعف الإيمان” فمن لم ينكر المنكر لا يكون مُهتدِيًا، والإنكار يتّفق مع الحديث “من لم يهتم بأمر المسلمين فليس منهم”.
فلا يوجد تناقض بين الآية والحديث، ويوضح هذا ما رواه أبو داود والترمذي وغيرهما عن قيس قال: خطَبَنا أبو بكر الصديق ـ رضي الله عنه ـ فقال: إنّكم تقرؤون هذه الآية وتتأوّلونها على غير تأويلها:
(يا أيُّها الذينَ آَمَنُوا عَلَيْكُم أَنفسَكُم لا يَضرُّكم مَن ضَلَّ إذا اهْتَدَيْتُمْ) (سورة المائدة : 105).
وإني سمعت رسول الله ـ ـ يقول: “إنّ الناس إذا رأوا الظالم فلم يأخذوا على يديه أوشَكَ أن يعمَّهم الله بعذاب من عنده” وهو حديث حسن صحيح.
وروى أبو داود والترمذي وغيرهما عن أبي أمية الشّعباني قال: أتيت أبا ثعلبة الخشني فقلت له: كيف تصنع بهذه الآية؟ فقال: أيّة آية؟ قلت: قوله تعالى: (يا أيُّها الذينَ آَمنوا عليكم أنفُسَكم لا يَضرُّكم مَنْ ضَلّ إذا اهْتديتُم) قال: أمَا والله لقد سألتَ عنها خبيرًا، سألت عنها رسول الله ـ ـ فقال: “بل ائتمِروا بالمعروف وتناهَوا عن المنكر، حتى إذا رأيتَ شُحًّا مطاعًا وهوًى متَّبعًا ودنيا مؤثَرة، وإعجاب كل ذي رأي برأيه، فعليك بخاصة نفسك ودَعْ عنك أمر العامّة، فإن من ورائكم أيامًا الصّبر فيهن مثل القَبض على الجمر، للعامل فيهن مثل أجر خمسين رجلاً يعملون مثل عملكم.
والكلام كثير في هذا الموضوع.
وخلاصته: أنه لابد من الاهتمام بأمر المسلمين، ومنه الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فإذا فعل ذلك فقد اهتدى، وبالتالي لا يقع عليه وزر من ضلوا الطريق.