بر الوالدين مما أمر الله تعالى ، غير أنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق ، فصل أيها المسلم أقاربك ،وأحسن إلى والديك ، واسع إلى الإصلاح بينهم ، ولا يشترط أن تعلم والديك بصلة رحمك.
يقول الشيخ جعفر أحمد الطلحاوي من علماء الأزهر عن طاعة الوالدين:
أولا: بر الوالدين والإحسان إليهما يلي حق الله تعالى بالوجوب والاستحقاق، كما أن عقوق الوالدين- والعياذ بالله- يأتي بعد الإشراك بالله في عظم الجرم وكبر الذنب قال تعالى { وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا} وجاء في سورة مريم مما أنطق الله تعالى به عيسى وهو ما يزل بعد في المهد صبيا { وأوصاني بالصلاة والزكاة ما دمت حيا وبرا بوالدتي} كما في الصحيح من حديث ابن مسعود رضي الله عنه ” سألت رسول الله ﷺ أي العمل أحب إلى الله ؟ قال:” الصلاة على وقتها” قلت ثم أي ؟ قال:” بر الوالدين” يلاحظ في هذه النصوص بالنص على حق الله تعالى أولا وأعقبت ذلك بحق الوالدين.
ثانيا: من النصوص القطعية “لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق” ومنها أيضا “إنما الطاعة في معروف” ومنها ما في صحيح مسلم من حديث عبدالله بن عمر رضي الله عنهما ” على المرء المسلم السمع والطاعة فيما أحب وكره إلا أن يؤمر بمعصية فإن أمر بمعصية فلا سمع ولا طاعة”.
ثالثا: وعلى هذه النصوص فلا إثم على المسلم في صلة رحمه التي أمره الله تعالى بوصلها بينما يأمره الوالدن بقطيعتها.
رابعا: على أنه ينبغي أن يدرك جيدا أن اختلاف الرأي بينه وبين والديه لا يفسد للود قضية ولا يسقط عنه ما أوجب الله عليه من الإحسان إليهما والبر بهما.
خامسا: رفعا للحرج عن المسلم ودفعا للمشقة بوسع المسلم أن يقوم بصلة رحمه وليس بالضرورة أن يكون ذلك بعلم والديه، كما أن له أن يخلص النية في القيام بهذه الشعبة من شعب الإيمان وهي صلة الرحم إليهم، فليستخف بصلته للأقارب عن سمع وبصر والديه ويكفيه علم الله به، قال تعالى{ ربكم أعلم بما في نفوسكم إن تكونوا صالحين فإنه كان للأوابين غفورا} الإسراء.
سادسا:إذا فتح الله على المسلم وألهمه بابا من أبواب الرشد يسعى بها إلى التقريب بين والديه وبين أقاربه فيقرب بين التباعدين ويصلح بين المتفاسدين فيكون بذلك حقق شعبة ثالثة من شعب الإيمان وهي إصلاح ذات البين لقوله تعالى { فاتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم}.