شحم الخنزير إذا استحال أي تحول إلى مادة أخرى كالجيلاتين فلا بأس باستعماله، ما لم يكن ضارا، أي أنه لا يبقى على حكم الخنزير، بل يصير كأي مادة أخرى ينظر فيها إلى الضرر وعدمه، ويرجع في تحقيق الضرر من عدمه إلى أهل الاختصاص.
يقول الدكتور محمد الهواري، عضو المجلس الأوربي للبحوث والإفتاء، فيما يتعلق بالجيلاتين: الجيلاتين مادة حيوانية لا توجد حرة في الأصل، وإنما تستخرج من مادة تنتشر في عظام الحيوانات وجلودها تسمى بالغراء الحيواني أو الكولاجين، وهذه تجري عليها تحويلات كيميائية وفيزيائية تستمر أحيانا إلى عدة أسابيع، فتتحول الكولاجين إلى جلاتين، والمادتان من حيث البنية الكيميائية مختلفتان تماما، وهذا ما يسمى في عرف الفقهاء بالاستحالة، والمقصود به أن مادة ما كعصير العنب تتحول بتأثير التفاعلات الكيميائية إلى خمر، أو أن الخمر يتحول بتأثير التفاعلات الكيميائية إلى خل، ويسمى الفقهاء هذه العملية باسم استحالة النجاسة.
وموقف الفقهاء من استحالة النجاسة مختلف، فالشافعية مثلا يقولون بأن استحالة النجاسة لا تطهر إلا بالدباغ بالنسبة للجلد، أو الخمر إذا تخللت من نفسها، وما عدا ذلك لا يرون أن الاستحالة تطهر بقية المواد.
أما الأحناف والحنابلة وكثير من علماء السلف كابن تيمية وابن القيم يرون أن الاستحالة تطهر جميع المواد بلا استثناء، والحكم على المادة الجديدة لا يرتبط أبدا بأصل المادة فمثلا كما يقول ابن القيم: إن عصير العنب طيب، وإذا استحال إلى خمر أصبح خبثا، ولا علاقة للخمر بأصلها الطيب وهو عصير العنب، وكذلك إذا استحالت الخمر إلى خل فالخل الناتج طيب، ولا علاقة لهذا الطيب في الحكم بأصله الخبيث وهو الخمر، ولذلك فإن الحكم يتعلق فقط بالمادة الناتجة، ولا علاقة للحكم بأصل هذه المادة.
ومن هنا فإن عدد من المؤسسات الفقهية، كهيئة كبار العلماء ومجمع الفقه الإسلامي اعتبر أن الاستحالة مطهرة، ونتج عن توصيات المنظمة الإسلامية للعلوم الطبية رأي يعتبر الجلاتين مادة طاهرة مهما كان أصلها من حيوان مأكول مزكى أو غير مزكى أو من حيوان غير مأكول كالخنزير، فالجلاتين الناتج عن تحول الكولاجين طاهر، ويجوز تناوله في الغذاء والدواء.