الرشوة محرمة بنص الكتاب والسنة.
-قال الله تعالى: ( وَلاَ تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقًا مِّنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالإِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ ) (البقرة: آية 189)، ومعناها النهي من الله ـ عز وجل ـ عن أكل أموال الناس بالباطل عن طريق اتخاذ المال وسيلة لأخذ حقوق الآخرين بدون وجه حق. وهي الرشوة، وإنما سميت بذلك أخذاً من الرشا وهو الحبل الذي يربط فيه الرجل الدلو ليتوصل بذلك إلى ماء البئر. فكذلك الراشي يتوصل بالرشوة إلى أخذ حقوق الآخرين.
وقال النبي -ﷺ-: “لعن الله الراشي والمرتشي والرائش بينهما”، فالراشي هو الذي يعطي المال ليتوصل بذلك إلى أكل أموال الآخرين بالباطل، والمرتشي هو الذي يأخذ الرشوة ليحول الحق إلى غير مستحقيه، والرائش بينهما هو الواسطة بينهما، يسهل عليهما تعاطي الحرام، وهؤلاء الثلاثة ملعونون أي مطرودون من رحمة الله؛ لما يؤديه عملهم المشترك من إفساد للذمم، وخراب للبيوت، وقلب للموازين، وكذلك جَرَّمَ القانون الجنائي في مصر وغيرها هذا السلوك المشين، ووضع على مرتكبه عقوبات متنوعة من السجن والغرامة ليرتدع المذنب، ويخاف من تسول له نفسه الإقدام على مثل فعله.
هل يجوز دفع الرشوة للوصول إلى حق
اختلف العلماء في دفع الرشوة للوصول إلى الحق لا أن يأخذ حق الآخرين إلى قولين:
الأول: إن ذلك لا يجوز مطلقاً؛ سَدًّا للذرائع، وإغلاقاً لباب الشبهات.
الثاني: جواز ذلك بثلاثة شروط:
1 – أن يكون مقدم المال يريد وصولاً إلى حق لا شبهة فيه.
2 – ألا يكون هناك طريق آخر للوصول إلى حقه إلا عن هذا الطريق.
3 – أن يكون محتاجاً إلى هذا الحق الآن. فإذا توفرت هذه الشروط جاز للمعطي مع إثم الآخذ. ومع جواز العمل بالقول الثاني فإن الأول أقرب إلى الورع، وأبعد عن الشبهات.
دفع الرشوة للحصول على وظيفة
يقول ابن قدامة في المغني : –
(وإن رشا ليدفع ظلمه ويجزيه على واجبه؛ فقد قال عطاء، وجابر بن زيد والحسن لا بأس أن يصانع عن نفسه. قال جابر بن زيد: ما رأينا في زمن زياد أنفع لنا من الرشا، لأنه يستنقذ ماله كما يستنقذ الرجل أسيره) .
أما إذا كانت الوظيفة حق للغير، وهو يريد أن ينتزعها منه، فيدفع الرشوة من أجل ذلك فهذه هي الرشوة المحرمة بالإجماع لأن رسول الله (صلَى الله عليه وسلَم): (لعن الراشي والمرتشي) وهو حديث إسناده صحيح ،ورواه الترمذي وأبو داوود وابن ماجة والحاكم وأحمد والبهيقي.