على السائل أن يعلم أن الالتزام بالمذهب المعين سواء كان شافعيا أم حنبليا أم مالكيا… لا أصل له في الدين، إنما الأصل الالتزام بالأدلة من الكتاب والسنة، فإذا كنا نستطيع فهم الأحكام عن هذا الطريق فهذا هو الأولى، فإن كان المسلم لا يستطيع تفهم الأحكام عن طريق الكتاب والسنة، فإن عليه أن يسأل العالم الفقيه وما يفتيه به يلزم السائل العمل به، سواء كان شافعيا أم غيره، هذا هو الأصل في الأحكام الشرعية.

هل يجوز الانتقال من مذهب إلى آخر بغير عذر

في مجموع الفتاوى  لشيخ الإسلام ابن تيمية “سئل شيخ الإسلام أن يشرح ما ذكره نجم الدين بن حمدان‏:‏ من التزم مذهبا أنكر عليه مخالفته بغير دليل ولا تقليد أو عذر آخر‏؟‏‏.‏

فأجاب‏:‏ هذا يراد به شيئان‏:‏

الأول ‏:‏ أن من التزم مذهبا معينا ثم فعل خلافه من غير تقليد لعالم آخر أفتاه ، ولا استدلال بدليل يقتضي خلاف ذلك ، ومن غير عذر شرعي يبيح له ما فعله ؛  فإنه يكون متبعا لهواه ، وعاملا بغير اجتهاد ولا تقليد ، فاعلا للمحرم بغير عذر شرعي ، فهذا منكر ‏.‏ وهذا المعنى هو الذي أورده الشيخ نجم الدين ،  وقد نص الإمام أحمد وغيره على أنه ليس لأحد أن يعتقد الشيء واجبا أو حراما ثم يعتقده غير واجب ولا حرام بمجرد هواه …

الثاني: إذا تبين له ما يوجب رجحان قول على قول ، إما بالأدلة المفصلة إن كان يعرفها ويفهمها ، وإما بأن يرى أحد رجلين أعلم بتلك المسألة من الآخر ، وهو أتقى لله فيما يقوله ، فيرجع عن قول إلى قول لمثل هذا ، فهذا يجوز بل يجب وقد نص الإمام أحمد على ذلك‏  ” ا.ه.‏

حكم التنقل بين المذاهب الفقهية

سئلت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء :

هل يجوز للمسلم أن ينتقل من مذهب  لآخر ؟ مثل أن يتبع المذهب المالكي مرة ، والمذهب الحنبلي مرة أخرى ، ثم يعود إلى المالكي.

فأجابت : ” يجب على المسلم أن يعمل بما دل عليه الدليل ، من الكتاب والسنة ، سواء وافق المذهب الذي ينتسب إليه ، أو لم يوافقه ؛ لقول الله عز وجل: ( فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا ) الآية من سورة النساء . ولا يجوز له أن ينتقل من مذهب إلى مذهب لمجرد هواه ؛ للآية المذكورة ، ولقوله سبحانه: ( وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ ) الآية من سورة الشورى .

يقول الشيخ ابن باز – رحمه اله تعالى-: إذا كان الإنسان طالب علم واتبع المذهب الحنفي في مسائل، ظهر له أنها صحيحة وأن مذهبه أولى من غيره، ثم اتبع مذهب الشافعي أو مالك أو أحمد في مسائل أخرى ظهر أن مذهبهم فيها هو الصحيح حسب الأدلة فلا بأس بهذا؛ لأن المؤمن حسب ما أعطاه الله من العلم يتبع الدليل وينظر في الدليل، فما قام عليه الدليل وجب الأخذ به، سواء وافق مذهب الشافعي أو أبي حنيفة أو مالك أو أحمد أو غيرهم من أهل العلم، المهم أن يوافق الدليل، وأن يدل عليه آية أو حديث شريف صحيح عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، أما بالتشهي والهوى فلا، كونه يتلاعب تارةً كذا وتارةً.. هذا لا يجوز.