القمار هو الميسر الذي حرمه الله تعالى في محكم كتابه ، ولا يجوز لأحدٍ – حكومات أو أفراد – أن يحله لأي سبب من الأسباب ، لأنه يورث الفقر والجوع والعداوة وهدم البيوت ، كما يعطل سنن الله تعالى في الكون ، ويدفع إلي الإجرام ، والإفساد في الأرض .

هل القمار حرام؟

جاء في فتاوى الأزهر:
القمار حرام بقوله تعالى {‏ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلاَمُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ {90} إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاء فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَن ذِكْرِ اللّهِ وَعَنِ الصَّلاَةِ فَهَلْ أَنتُم مُّنتَهُونَ {91} المائدة .
فقد قال ابن عباس و قتادة ومعاوية بن صالح وعطاء وطاووس ومجاهد: الميسر القمار. فكل ما كان قمارا فهو ميسر محرم بالآية الكريمة .

وذلك لأن أكل المال بالباطل وجهين:

أحدهما أخذ المال بغير رضا صاحبه بل على وجه الظلم والسرقة والخيانة والغصب ونحو ذلك .‏

والآخر أخذه برضا صاحبه من جهة محظورة نحو القمار والربا، وقد أجمع المسلمون على حرمة القمار .‏

هذا ولا نعلم خلافا في أن ما كان على سبيل المخاطرة بين شخصين بحيث يغنم كل ما كان فيه تعليق المال على الخطر فهو من القمار .‏

وذهب الحنفية إلى أن كل ما كان فيه تعليق المال على الخطر فهو من القمار أخذا مما روى أن رجلا قال لرجل إن أكلت كذا وكذا بيضة فلك كذا وكذا فارتفعا إلى على رضى اللّه عنه فقال هذا قمار ولم يجزه. أ.هـ

ما هي الحكمة من تحريم القمار؟

يقول فضيلة الشيخ محمد صالح المنجد:
القمار حرام لأنّ الله حرّمه؛ وهو سبحانه وتعالى يحكم ما يشاء قال الله تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنْصَابُ وَالأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ . إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمْ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنْ الصَّلاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ ) .
وأما الحكمة في تحريمه فإنّ العاقل يرى في ذلك أسبابا كثيرة منها :
1- القمار يجعل الإنسان يعتمد في كسبه على المصادفة والحظ ، والأماني الفارغة لا على العمل والجد وكد اليمين ، وعرق الجبين ، واحترام الأسباب المشروعة .

2- القمار أداة لهدم البيوت العامرة ، وفقد الأموال في وجوه محرمة ، وافتقار العوائل الغنية ، وإذلال النفوس العزيزة .

3- القمار يورث العداوة والبغضاء بين المتلاعبين بأكل الأموال بينهم بالباطل ، وحصولهم على المال بغير الحق .

4- القمار يصد عن ذكر الله وعن الصلاة ، ويدفع بالمتلاعبين إلى أسوأ الأخلاق ، واقبح العادات .

5- القمار هواية آثمة تلتهم الوقت والجهد ، وتعّوّد على الخمول والكسل ، وتعطل الأمة عن العمل والإنتاج .

6- القمار يدفع صاحبه إلى الإجرام لأن الفريق المفلس يريد أن يحصل على المال من أي طريق كان ، ولو عن طريق السرقة والاغتصاب ، أو الرشوة والاختلاس .

7- القمار يورث القلق ، ويسبب المرض ويحطم الأعصاب ، ويولّد الحقد ، ويؤدي في الغالب إلى الإجرام أو الانتحار أو الجنون أو المرض العضال .

8- والقمار يدفع المقامر إلى أفسد الأخلاق كشرب الخمور وتناول المخدرات ، فالأجواء التي يدار فيها القمار يقل فيها الضوء ، ويكثر فيها دخان اللفائف ، وتخفت الأصوات وترتفع الهمهمة ، يتسلل لها الهواة كأنما يفرون من العدالة ، ويدخلون في توجس وتردد ، وتلتف جموعهم حول مائدة خضراء تتصاعد حولها أنفاسهم المضطربة ، وتخفق قلوبهم المكلومة ، والمفروض أنهم رفاق لعب ، ولكنهم في الحقيقة أعداء ، فكل منهم يتربص بالآخر ، ويعمل على أن يكسب على حسابه وحساب أولاده ، ويعمل صاحب المكان على أن يخدر أحاسيس الجميع بما يقدم لهم من موسيقى حالمة ، ونساء ضائعات ، وأنواع الشراب ، وأنواع التدخين ، وتكثر حول المائدة الخضراء ضروب الغش والخداع ، فالسقاة والمطعمون والفتيات يكشفون أوراق لاعب إلى لاعب ، ويغمزون ويهمسون لينصروا بالباطل واحداً على الآخر ، وليقيموا أحياناً نوعاً من التوازن يضمن استمرار اللعب وطول اللقاء ، ويخسر الجميع بلا شك.

يخسرون بما يدفعونه ثمناً للشراب والتدخين ، وما يدفعون للسقاة والمطعمين ، وما يقدمونه من شراب للفتيات ، وتتفاوت بعد ذلك الخسارة ، فالرابح الذي نجح في كل الجولات أو أكثرها لا يتبقى معه من الربح شيء على الإطلاق أو لا يتبقى معه إلا مقدار ضئيل ، وأما الخاسر فقد خسر كل شيء ، وفي آخر الليل يتسللون جميعاً وقد علتهم الكآبة والخزي ، والخاسر يتوعد الرابح إلى الغد .