القبر هو مسكن الإنسان في الحياة البرزخية بعد الموت ، إلى أن يقوم الناس لرب العالمين ، وقد جاء النهي عن زخرفة القبور وتزيينها ، لأنها بذلك تفقد الهدف منها من التذكير بالآخرة ،بل تجعل قلب الإنسان متعلقا بالدنيا حتى عند زيارة القبر.

فلا يجوز زخرفتها ، ولا المبالغة في تزيينها ، والحي أولى من الميت فيما ينفق على ذلك من أموال .

حكم حفر القبر قبل الموت:

يقول الدكتور أحمد الشرباصي الأستاذ بجامعة الأزهر – رحمه الله – :

جاء في مختصر الفتاوى لابن تيمية أنه لا يُستحَبُّ حفرُ القبر قبل الموت.

ولعل السبب في عدم الاستحباب هنا هو أن الإنسان لا يعلم أين يموت، فقد يُدركه الموت في بلد غير بلده، أو في غير البلدة التي يُقيم فيها.

حكم تزيين القبور ونقل الميت من مكان لآخر :

يقول الدكتور أحمد الشرباصي الأستاذ بجامعة الأزهر – رحمه الله – :

كثير من الفقهاء قد نَهَوْا عن نقل الميت من البلدة التي مات فيها إلى بلدة أخرى، وهنا نتذكر قول الله ـ تبارك وتعالى ـ في ختام سورة لقمان: (وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ) (الآية : 34).

ولكن إذا اتَّفق أهل بلدة أو أهل عائلة على تخصيص مكان لدَفْن موتاهم فيه، فإن ذلك لا يَحرُم، وعليهم أن يُراعوا في ذلك الاعتدال وعدم الإسراف، وأما التوسُّع في بناء القبور وتشييدها ورفعها كثيرًا عن وجه الأرض وتزيينها بمختلف الزِّينات؛ فإن ذلك كله مما لا يرتضيه هدي الإسلام.

والوارد في السُّنَّة ـ أن ارتفاع القبر يكون مقدار شبر فوق سطح الأرض، لكي يَعرِف المشاهد أن هذا قبر، فلا يَصعد عليه، ولا يمشي فوقه، ولا يُصلِّي فوقه؛ وتَحْرُم الزيادة على مقدار الشبر. ولقد رُوِيَ أن علي بن أبي طالب ـ كرّم الله وجهه ـ قال لبعض الناس: ألا أبعثك على ما بعثني عليه رسول الله ـ ـ ألا تدع تمثالاً إلا طمسته، ولا قبرًا مُشْرِفًا إلا سوَّيْتَه.

وكذلك جاء عن الإمام الشافعيّ أنه يُكْرَه البناء على القبر، كما يُكْرَه تجصيصه أي طِلاؤه بالجَصِّ وهو “الجير “؛ لأن في هذا إسرافًا وزينةً، والموت يُناسبه الخشوع والخضوع والانصراف عن الزينة إلى ما عند الله ـ جل جلاله ـ وإذا كان الناس هنا وهناك قد أسرفوا في بناء القبور وأكثروا من ذلك، فليستْ كثرة الوقوع مُسوِّغة القولَ بأنه مُباح شرعًا وقد رَوَى

جابر عن رسول الله ـ ـ أنه نَهَى عن تجصيص القبر، وأن يُبنَى عليه، وأن يُكتب عليه.

وجاء في مختصر فتاوى ابن تيمية أن بناء القِباب والمساجد على القبور أمر مُحدَث في الإسلام من قريب ، أي أنه بِدْعة حدثت أخيرًا، بعد صدر الإسلام وبعد عهد الرسول ـ .

ولا يجوز شرعًا أن يوضع على القبر ستار أو مشاعل أو ما شاكل ذلك، وإن كان يجوز أن يُوضع عليه علامة من حجر أو خشب للإرشاد إليه فحسب.

ومن هذا نفهم أنه لا يُستحَبُّ للإنسان أن يُخصص لنفسه قبرًا قبل موته، ويَحْرم عليه أن يُزخرِف هذا القبر أو يُسرِف في بنائه ، وما أحقَّ الحيَّ بما يُصرَف في هذا المجال، وما أغنى الميِّتَ عن هذه المظاهر الكاذبة.