يجوز للمسلمين أن يعملوا في النيابة والقضاء والمحاماة بشرط أن لا يباشروا الحكم بما يتعارض مع شرع الله تعالى، وهذا ممكن بأن يكيفوا الدعوى بما يتوافق مع شرع الله.

هل يجوز العمل في النيابة والقضاء

يقول الدكتور سعود بن عبد الله الفنيسان عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً :-
أرى أنه يجوز للمسلم التقدم على التوظف في النيابة العامة؛ عسى الله أن ينفع به، وعمل النيابة العامة يكاد ينحصر في التحقيق ثم الادعاء العام أمام القضاء، والتحقيق عادة يكون في أمور إجرائية وإدارية، وإن كان فيه قضاء في بعض الأحيان فباستطاعة المسلم -الحقوقي المتخصص- أن يكيِّف المادة القانونية ويخرجها تخريجاً لا يخالف الشريعة – إن شاء الله- حيث القاعدة القانونية الشهيرة تقول: (العدل في ضمير القاضي لا في نص القانون).

أي أن القاضي الناجح يحكم بروح القانون ولا يقف عند نصه، وهذا معنى (الفهم) الذي أوصى به عمر بن الخطاب – رضي الله عنه- القضاة في عهده، ولعل هذا المعنى استحضره الشهيد عبد القادر عودة، حين تولى القضاء، وكان يقول: (أنا قاض ولكني مسلم).

والقاضي الحقوقي المسلم يستطيع أن يتجاوز المادة المخالفة للشرع ويحكم بغيرها مما يوافق الشريعة، أو يحمل الخصوم على الصلح أو التنازل عن الدعوى ونحو ذلك.

والعمل بالنيابة أهون وأخف مسؤولية من النيابة العامة.انتهى.

هل يجوز العمل في مهنة المحاماة

يقول الشيخ الدكتور مصطفى الزرقا ـ رحمه الله ـ
إن المحاماة وكالة بالخصومة بالنظر الفقهي، وهذه الوكالة جائزة شرعًا في نظر الفقهاء، بل لها حالات لا يجوز فيها عزل وكيل الخصومة إذا تعلق بالوكالة حق لغير الموكل (كما لو أراد المدين السفر فطلب الدائن منعه ليتمكن من مخاصمته قضائيًا فوكل عنه بالخصومة).
والمحاماة في الأصل هي مهنة من يتخصص بهذه الوكالات للخصومة، فالأصل فيها الإباحة الشرعية.
أما كون واقعها اليوم أن القوانين التي يترافع فيها المحامي فيها مخالفات للشريعة (وليس كل ما فيها مخالفًا للشريعة) فهذه القوانين ليست من صنعه، فإثمها على صانعها، لكن عليه أن لا يطلب في مرافعته تطبيق الحكم القانوني المخالف للشريعة، وأن لا يقبل دفاعًا عن موكل مبطل، وإذا ظهر له أثناء سير الدعوى أن موكله مبطل فعليه أن ينسحب منه شرعًا، ويستطيع أن يشرط ذلك على الموكل.
إنني مارست المحاماة في حلب قرابة عشر سنوات، ثم تخليت عنها للتدريس لهذا السبب، لأن الذي يشرط هذه الشروط على من يريد توكليه لا يوكله!!.
ولكن الناس اليوم في ظل أصول المحاكمات وتعقيداتها، لا يستغنون عن توكيل المحامين الذي أصبحوا في كل البلاد هيئة عالمية لا يستغني عنها، ولو أوصينا كل مسلم متمسك بدينه بترك المحاماة، لما بقي في الميدان إلا من لا يتورعون عن حرام، وفي هذا ضرر ظاهر.
وينطبق عليها الكلمة المأثورة أنها ضرر ضروري!! في ظل الوضع الحالي في العالم.