عرضت على مجلس ‏‏المجمع الفقهي الإسلامي ‏‏مشكلة ما قد يطرأ بعد إبرام عقود التعهد ونحوها من العقود ذات التنفيذ المتراخي في مختلف الموضوعات، من تبدل مفاجئ في الظروف والأحوال ذات التأثير الكبير في ميزان التعادل الذي بنى عليه الطرفان المتعاقدان حساباتهما فيما يعطيه العقد كلا منهما من حقوق وما يحمله إياه من التزامات مما يسمى اليوم في العرف ‏‏التعاملي بالظروف الطارئة.

وقد عرضت مع المشكلة أمثلة لها من واقع أحوال التعامل وأشكاله توجب التفكير في حل فقهي مناسب عادل يقضي على المشكلة في تلك الأمثلة ونظائرها الكثيرة:

‏‏أولا ‏:‏‏في العقود المتراخية التنفيذ ‏( ‏كعقود التوريد والتعهدات والمقاولات ‏) ‏إذا تبدلت الظروف التيتم فيها التعاقد تبدلا غير الأوضاع والتكاليف والأسعار تغييرا كبيرا بأسباب طارئة عامة لم تكن متوقعة حين التعاقد فأصبح بها تنفيذ الالتزام ‏العقدي يلحق بالملتزم خسائر جسيمة غير معتادة من تقلبات الأسعار في طرق التجارة ولم يكن ذلك نتيجة تقصير أو إهمال من الملتزم في تنفيذ التزاماته، فإنه يحق للقاضي في هذه الحال عند التنازع وبناء على الطلب ‏تعديل الحقوق والالتزامات ‏العقدية بصورة توزع القدر المتجاوز للمتعاقد من الخسارة على الطرفين المتعاقدين.

كما يجوز له أن يفسخ العقد فيما لم يتم تنفيذه منه إذا رأى أن فسخه أصلح وأسهل في القضية المعروضة عليه ،وذلك مع تعويض عادل للملتزم له صاحب الحق في التنفيذ يجبر له جانبا معقولا من الخسارة التي تلحقه منفسخ العقد بحيث يتحقق عدل بينهما دون إرهاق للملتزم ويعتمد القاضي في هذه الموازنات جميعا رأى أهل الخبرة الثقات.

‏‏ثانيا‏:‏‏يحق للقاضي أيضا أن يمهل الملتزم إذا وجد أن السبب الطارئ قابل للزوال في وقت قصير ولا يتضرر الملتزم له كثيرا بهذا الإمهال هذا، وإن مجلس ‏ ‏المجمع الفقهي‏ ‏يرى في هذا الحل المستمد من أصول الشريعة تحقيقا للعدل الواجب بين طرفي العقد ومنعا للضرر المرهق لأحد المتعاقدين بسبب لا يد له فيه،وإن هذا الحل أشبه بالفقه الشرعي الحكيم وأقرب إلى قواعد الشريعة ومقاصدها العامة وعدلها.