الحقوق المالية لابد أن ترد إلى أصحابها، حتى الشهادة في سبيل الله، لا تكفر هذا الحق للآدمي . . إنه ليس أعظم من أن يستشهد الإنسان في سبيل الله، ومع هذا فإن النبي – ﷺ – حينما سأله سائل: يا رسول الله، إذا قتلت في سبيل الله تكفر عني خطاياي ؟ قال: نعم . ثم استدعاه وقال له: ماذا قلت آنفًا ؟ قال: قلت كذا . . قال: ” إلا الدين . . أخبرني بذلك جبريل آنفًا “. (رواه مسلم).
الديون، والتبعات، لابد أن ترد إلى أصحابها.
كيفية التوبة من الرشوة والنهب والغش
من يأكل أموال الناس عن طريق الرشوة أو الغصب، أو النهب، أو الغش أو أي طريقة من الطرق المحرمة، ثم يقول: تبت إلى الله . . . أو يحج، أو يجاهد ويستشهد . . . لا . . . لابد من رد هذه الحقوق المالية، حيث لا تسامح من هذه الناحية.
فإن كان عاجزًا، فليذهب إلى أصحاب الحقوق، ويسترضيهم لعلهم يرضون عنه، فإن لم يرضوا، فإنه لابد أن ينوي بنفسه أنه كلما قدر على شيء دفعه إلى أصحاب الحق.
فإذا مات، ولم يكمل ما عليه من هذه الحقوق، تولى الله إرضاء خصومه يوم القيامة، والله عفو غفور.
هل يغفر الله ذنب السرقة
يقول سبحانه وتعالى: (وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِراً وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً)..
ويقول ﷺ :( من كانت عنده مظلمة لأخيه من عرضه أو من شيء فليتحلله منه اليوم قبل أن لا يكون دينار ولا درهم، إن كان له عمل صالح أخذ منه بقدر مظلمته، وإن لم تكن له حسنات أخذ من سيئات صاحبه فحمل عليه) رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ من حديث أبي هريرة.
فمن أخذ أموال الناس بغير حق عليه سواء برشوة أو غش أو سرقة أو غيرها من وجوه أكل أموال الناس بالباطل عليه أن يرد هذه الأموال لأصحابها عند التوبة ،إذا كانوا موجودين معروفين ، أو إلى ورثتهم إن كانوا ميتين ، ولا يكفي التصدق بها عنهم إلا عند العجز عن ردها ، كأن يكونوا غير موجودين أو غير معروفين.
فإذا كان أصحاب هذه الحقوق لا يزال موجودا فعليه أن يرد هذه الأموال إليه، ولا مانع أن يكون ذلك على وجه الهدية مثلا، فليس شرطا أن يخبره بحقيقة الأمر، بل يمكنه أن يردها له موهما إياه أنه يهاديه. أو بغير ذلك من الصور التي يجدها ملائمة لحاله، فالمهم أن يصل نفعها إليهم.
وأما التصدق بها عنهم مع إمكانية الوصول إليهم فلا يكفي في التوبة.
وتكون الصدقة عنهم فقط في حال عدم القدرة للوصول إليهم وإيصال حقوقهم إليهم فيجعل حقوقهم صدقة جارية لهم ليتبرأ أمام الله تعالى يوم القيامة.