الحلزون مما اختلف الفقهاء في حكمه، فمنهم من أباحه، ومنهم من حرمه، ويرى البعض أن الحلزون البحري حلال شرعا، ولا تجب تذكيته، وفي مثل هذه الحالات الخلافية يختار المستفتي ما يرى أنه أقرب لحالته، وأنسب له، مع تقصي مرضاة الله تعالى في فعله .
يقول الدكتور أحمد يوسف سليمان أستاذ الشريعة بكلية دار العلوم : كل هذه الأمور يعجبني فيها مذهب الإمام ابن عباس: كل الأمور حلال إلا ما ورد في قوله تعالى : “قُل لاَّ أَجِدُ فِي مَا أُوْحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلاَّ أَن يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَّسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقًا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللّهِ بِهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلاَ عَادٍ فَإِنَّ رَبَّكَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ “. الأنعام 145 انتهى
هل يجوز أكل الحلزون:
يقول الشيخ عبد الباري الزمزمي عضو رابطة علماء المغرب : إن الحلزون من الميتة التي حرم الله أكلها بقوله عز وجل: (حرمت عليكم الميتة والدم ..الآية )، وفي الحديث : (إن الله حرم بيع الخمر والميتة والخنزير و الأصنام ، قالوا :يا رسول الله أرأيت شحوم الميتة ؟ قال : لا هو حرام )(رواه الشيخان).
و يستفاد من الآية والحديث أن الميتة يحرم أكلها وبيعها، والميتة ما مات من الحيوان تلقائيا بغير سبب مشروع ، ولا يستثنى من الميتة إلا السمك والجراد لورود الدليل الصحيح على حليتهما من القرآن والسنة ،وليس كذلك الحلزون، فلم يرد في استثنائه من حكم الميتة دليل صحيح ومن أباحه فإنما اعتمد ـ فقط ـ على أقوال الفقهاء وآرائهم العارية من الدليل المقنع ، كما فعل العلامة السيد عبد الحي بن الصديق الذي صنف رسالة في إباحة الحلزون استقصى فيها أقوال الفقهاء الذين قالوا بإباحته واعتبرها حجة ناهضة لرد حكم القرآن والسنة ، ثم إنه لم يورد في رسالته هذه حديث النبي ﷺ الذي يقول : أحلت لنا ميتتان ودمان : الجراد والحوت والطحال والكبد ، ولم يتعرض له بنفي ولا إثبات ولا تأويل ، والحديث وارد عليه ـ كما هو واضح ـ فإنه حصر الميتة المباحة في نوعين اثنين من الحيوان الجراد والحوت لا غير ، ومن أضاف إليهما نوعا ثالثا من الميتة المباحة أعوزه الدليل ، والحلزون ميتة لأنه يموت بغير السبب الذي شرعه الله لإباحة الحيوان وهو الذبح و الصيد ، وكل حيوان مات بغير سبب من هذين السببين فهو حرام ، ما عدا الجراد والحوت.انتهى
حكم أكل الحيوان البحري:
يقول الشيخ سيد سابق رحمه الله: في كتاب فقه السنة الحيوان البحري حلال كله، ولا يحرم منه إلا ما فيه سم للضرر سواء أكان سمكًا أم كان من غيره وسواء أصطيد أم وجد ميتًا، وسواء أصطاده مسلم أم كتابي أم وثني، وسواء أكان مما له شبه في البر أم لم يكن له شبه .
والحيوان البحري لا يحتاج إلى تزكية. والأصل في ذلك قول الله عز وجل: (أحل لكم صيد البحر وطعامه متاعًا لكم وللسيارة) .
قال ابن عباس: “صيد البحر وطعامه: ما لفظ البحر” رواه الدار قطني . وروى عنه في معنى طعامه “ميتته” لحديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: سأل رجل رسول الله ـ ﷺ ـ ، فقال: يا رسول الله إنا نركب البحر ونحمل معنا القليل من الماء فإن توضأنا به عطشنا، أفنتوضأ بماء البحر؟ فقال رسول الله ﷺ: “هو الطهور ماؤه الحل ميتته” رواه الخمسة، وقال الترمذي: هذا الحديث حسن صحيح. وسألت محمد بن إسماعيل البخاري عن هذا الحديث؟ فقال: حديث صحيح.انتهى