يدخل وقت صلاة العشاء بمغيب الشفق الأحمر، ويمتد إلى نصف الليل. فعن عائشة قالت: “كانوا يصلون العتمة (العتمة: العشاء) فيما بين أن يغيب الشفق إلى ثلث الليل الأول” رواه البخاري، وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله ﷺ: “لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم أن يؤخروا العشاء إلى ثلث الليل أو نصفه” رواه أحمد وابن ماجه والترمذي وصححه.
وعن أبي سعيد قال: انتظرنا رسول الله ليلة بصلاة العشاء حتى ذهب نحو من شطر الليل قال: فجاء فصلى بنا ثم قال: “خذوا مقاعدكم فإن الناس قد أخذوا مضاجعهم، وإنكم لن تزالوا في صلاة منذ انتظرتموها لولا ضعف الضعيف وسقم السقيم وحاجة ذي الحاجة لأخرت هذه الصلاة إلى شطر الليل” رواه أحمد وأبو داود وابن ماجة والنسائي وابن خزيمة وإسناده صحيح.
هذا وقت الاختيار. وأما وقت الجواز والاضطرار فهو ممتد إلى الفجر، لحديث أبي قتادة قال: قال رسول الله ﷺ: “أما إنه ليس في النوم تفريط إنما التفريط على من لم يصل الصلاة حتى يجيء وقت الصلاة الأخرى” رواه مسلم. والحديث المتقدم في المواقيت يدل على أن وقت كل صلاة ممتد إلى دخول وقت الصلاة الأخرى، إلا صلاة الفجر فإنها لا تمتد إلى الظهر، فإن العلماء أجمعوا أن وقتها ينتهي بطلوع الشمس.
استحباب تأخير صلاة العشاء عن أول الليل
والأفضل تأخير صلاة العشاء إلى آخر وقتها المختار، وهو نصف الليل، لحديث عائشة قالت: أعتم -(أعتم: أي أخر صلاة العشاء. عامة الليل: أي كثير منه، وليس المراد أكثره بدليل قوله: إنه لوقتها، قال النووي: ولا يجوز أن يكون المراد بهذا القول إلى ما بعد نصف الليل، لأنه لم يقل أحد من العلماء أن تأخيرها إلى ما بعد نصف الليل أفضل)- النبي ﷺ ذات ليلة حتى ذهب عامة الليل، حتى نام أهل المسجد ثم خرج فصلى فقال: “إنه لوقتها لولا أن أشق على أمتي” رواه مسلم والنسائي.
وقد تقدم حديث أبي هريرة، وحديث أبي سعيد، وهما في معنى حديث عائشة، وكلها تدل على استحباب التأخير وأفضليته وأن النبي ﷺ ترك المواظبة عليه لما فيه من المشقة على المصلين، وقد كان النبي ﷺ يلاحظ أحوال المؤتمين، فأحيانًا يعجل وأحيانًا يؤخر. فعن جابر قال: “كان رسول الله ﷺ يصلي الظهر بالهاجرة( شدة الحر نصف النهار عقب الزوال)، والعصر، والشمس نقية، والمغرب، إذا وجبت الشمس، والعشاء، أحيانًا يؤخرها وأحيانًا يعجل، إذا رآهم اجتمعوا عجل، وإذا رآهم أبطأ وأخر، والصبح، كانوا أو كان النبي ﷺ يصليها بغلس (ظلمة أخر الليل). رواه البخاري ومسلم.