الخلع موجب للفرقة بين الزوجين، وبمجرده تملك المرأة أمرها، ولا يبقى للزوج حق في ارتجاعها إلا بعقد ومهر وإيجاب وقبول.

وقد اختلف العلماء في عدة المختلعة فذهب الجمهور إلى أنها كعدة المطلقة، واحتجوا بقول الله تعالى: (وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ) [البقرة:228] وذهب غير الجمهور إلى أن عدة المختلعة حيضة واحدة لأن عموم القرآن دلَّ على أن عدة المطلقات ثلاثة قروء فقال تعالى : “وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ ” وأخرجت السنة النبوية المختلعات من هذا العموم ، وجعلت عدة المختلعة حيضة واحدة ، لاختلاف الطلاق عن الخلع فطالت العدة في الطلاق لإتاحة فرصة الرجعة للزوجين بخلاف الخلع حيث لا رجعة فيه .

يقول فضيلة الشيخ محمد صالح المنجد :
1- الخلع – أصلاً – لا يكون إلا بطَلب من الزوجة، ورضى الزوج بعده على الفراق .
2-  والعدَّة واجبة على كل امرأة فارقت زوجها، أو فارقها زوجها بطلاق أو فسخ أو وفاة ، إلا إن كان الطلاق قبل الدخول فلا عدَّة على المرأة ، لقوله تعالى : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا فَمَتِّعُوهُنَّ وَسَرِّحُوهُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا } الأحزاب / 49 .
3-  أما عدَّة الخلع فالصحيح من أقوال العلماء أنها حيضة واحدة ، وعليه تدل السنة .
عن ابن عباس : أن امرأة ثابت بن قيس اختلعت من زوجها على عهد النبي فأمرها النبي أن تعتد بحيضة . رواه الترمذي ( 1185 ) وأبو داود ( 2229 ) . ورواه النسائي ( 3497 ) من حديث الربيِّع بنت عفراء . والحديثان : صححهما ابن القيم – كما سيأتي – .

قال ابن القيم رحمه الله في كتابه ” زاد المعاد “:
وفي أمره المختلعة أن تعتد بحيضة واحدة دليل على أنه لا يجب عليها ثلاث حيض بل تكفيها حيضة واحدة ، وهذا كما أنه صريح السنة فهو مذهب أمير المؤمنين عثمان بن عفان وعبد الله بن عمر بن الخطاب والربيع بنت معوذ وعمها وهو من كبار الصحابة لا يعرف لهم مخالف منهم كما رواه الليث بن سعد عن نافع مولى ابن عمر أنه سمع الربيع بنت معوذ بن عفراء، وهي تخبر عبد الله بن عمر رضي الله عنه أنها اختلعت من زوجها على عهد عثمان بن عفان فجاء عمها إلى عثمان بن عفان فقال له إن ابنة معوذ اختلعت من زوجها اليوم أفتنتقل ؟ فقال عثمان : لتنتقل ولا ميراث بينهما ولا عدة عليها إلا أنها لا تنكح حتى تحيض حيضة خشية أن يكون بها حبل ، فقال عبد الله بن عمر : فعثمان خيرنا وأعلمنا .
وذهب إلى هذا المذهب إسحاق بن راهويه، والإمام أحمد في رواية عنه اختارها شيخ الإسلام ابن تيمية .

قال من نصر هذا القول :
هو مقتضى قواعد الشريعة ؛ فإن العدة إنما جعلت ثلاث حيض ليطول زمن الرجعة، فيتروى الزوج، ويتمكن من الرجعة في مدة العدة فإذا لم تكن عليها رجعة فالمقصود مجرد براءة رحمها من الحمل وذلك يكفي فيه حيضة كالاستبراء ، قالوا : ولا ينتقض هذا علينا بالمطلقة ثلاثا ؛ فإن باب الطلاق جعل حكم العدة فيه واحداً بائنةً ورجعيةً .
أهـ

هذا ، وقد قال الجمهور: إن عدَّة المختلعة ثلاث حِيَض كعدَّة المطلَّقة.

جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية :
ذهب جمهور الفقهاء ‏(‏ الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة في المذهب ‏)‏ إلى أن عدة المختلعة عدة المطلقة ، وهو قول سعيد بن المسيب وسالم بن عبد الله ‏,‏ وسليمان بن يسار ‏,‏ وعمر بن عبد العزيز ‏,‏ والحسن ‏,‏ والشعبي ‏,‏ والنخعي ‏,‏ والزهري وغيرهم .
‏واحتجوا بأن عدتها عدة المطلقة بقوله تعالى ‏:‏ ‏{‏ والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء ‏}‏ ‏.‏ ولأن الخلع فرقة بين الزوجين في الحياة بعد الدخول فكانت العدة ثلاثة قروء كغير الخلع.أهـ