أفتى العلماء بحرمة التدخين للأضرار التي يسببها ، ولأنه داخل في الخبائث التي قال الله تعالى فيها : (ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث) [الأعراف: 157]. وقال ﷺ: “ولا ضرر ولا ضرار”.
هل التدخين حرام
يقول الشيخ يوسف القرضاوي :
هناك قاعدة عامة مقررة في شريعة الإسلام، وهي أنه لا يحل للمسلم أن يتناول من الأطعمة أو الأشربة شيئًا يقتله بسرعة أو ببطء – كالسم بأنواعه – أو يضره ويؤذيه – ولا أن يكثر من طعام أو شراب يمرض الإكثار منه، فإن المسلم ليس ملك نفسه، وإنما هو ملك دينه وأمته، وحياته وصحته وماله، ونعم الله كلها عليه وديعة عنده، ولا يحل له التفريط فيها. قال تعالى: (ولا تقتلوا أنفسكم، إن الله كان بكم رحيما). (النساء: 29). وقال تعالى: (ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة). (البقرة: 195). وقال الرسول – ﷺ -: “لا ضرر ولا ضرار”. رواه أحمد وابن ماجة.
ووفقا لهذا المبدأ نقول: إن تناول التبغ (الدخان)-بصوره المختلفة مثل السيجارة أو النرجيلة أو غير ذلك ـ ما دام قد ثبت أنه يضر بمتناوله فهو حرام، وخاصة إذا قرر ذلك طبيب مختص بالنسبة لشخص معين، ولو لم يثبت ضرره الصحي لكان إضاعة للمال فما لا ينفع في الدين أو الدنيا، وقد نهى النبي – ﷺ – “عن إضاعة المال”. (رواه البخاري). ويتأكد النهي إذا كان محتاجًا إلى ما ينفقه من مال لنفسه أو عياله.
أضرار التدخين على الإنسان
علماء الطب والتحليل قالوا كلمتهم في بيان آثار التدخين الضارة على البدن بوجه عام وعلى الرئتين والجهاز التنفسي بوجه خاص . وما يؤدي إليه من الإصابة بسرطان الرئة مما جعل العالم كله في السنوات الأخيرة ينادي بوجوب التحذير من التدخين.
على أن من أضرار التدخين ما لا يحتاج إثباته إلى طبيب اختصاصي ولا إلى محلل كيماوي، حيث يتساوى في معرفته عموم الناس، من مثقفين وأميين.
وينبغي أن نذكر هنا ما نقلناه من قبل عن بعض العلماء، وهو أن الضرر التدريجي كالضرر الدفعي الفوري، كلاهما مقتض للتحريم . ولهذا كان تناول السم السريع التأثير في الصدر والسم البطيء التأثير حرامًا بلا ريب.
وإذا كان التدخين مذمومًا في شأن الرجال، فهو أشد ذما في شأن النساء، لأنه يشوّه جمال المرأة، ويغير لون أسنانها، ويجعل رائحة فمها كريهة، مع ما يجب أن تكون عليه الأنثى من حسن وجمال.
نصيحة للمدخنين
يقول الشيخ يوسف القرضاوي :
-نصيحتي لكل مدخن أن يقلع عن هذه الآفة، بعزيمة قوية، وتصميم صارم ؛ فإن التدرج فيها لا يغني.
-ونصيحتي للشباب خاصة، أن ينزهوا أنفسهم عن الوقوع في هذه الآفة التي تفسد عليهم صحتهم، وتضعف من قوتهم ونضرتهم، ولا يسقطوا فريسة للوهم الذي يخيل إليهم أنها من علامات الرجولة، أو استقلال الشخصية .
-ومن تورط منهم في ارتكابها يستطيع بسهولة التحرر منها، والتغلب عليها وهو في أول الطريق، قبل أن تتمكن هي منه، وتتغلب عليه، ويعسر عليه فيما بعد النجاة من براثنها إلا من رحم ربك.
-وعلى أجهزة الإعلام أن تشن حملة منظمة بكل الأساليب على التدخين وتبين مساوئه.
-وعلى مؤلفي ومخرجي ومننتجي الأفلام والتمثيليات والمسلسلات، أن يكفوا عن الدعاية للتدخين، بوساطة ظهور ” السيجارة ” بمناسبة وغير مناسبة في كل المواقف.
-وعلى الدولة أن تتكاتف لمقاومة هذه الآفة، وتحرير الأمة من شرورها، وإن خسرت خزانة الدولة ملايين من العملات، فصحة الشعب الجسمية والنفسية أهم وأغلى من الملايين والبلايين.أهـ
أدلة تحريم الدخان والشيشة
يقول أ.د.عبد الستار فتح الله سعيد :
شرب الدخان: السجائر، أو التبغ في الشيشة، أو ما يسمى الجوزة، أو ما إلى ذلك من ألوان تدخين ما يسمى بالتبغ أو الطباق، كل هذا حرام شرعًا وليس مكروهًا فقط، والدليل على ذلك ما يأتي:
1- أنه مضر بالصحة ضررًا فادحًا، بإجماع الأطباء في العالم كله، حتى غير المسلمين، وبالتالي فكل ضرر يجلبه المسلم على نفسه حرام؛ لقوله ﷺ “لا ضرر ولا ضرار“، ولقوله تعالى (ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيمًا)، والسجائر تقتل صاحبها علميًا؛ لذلك القوانين في إنجلترا وأمريكا وغيرهما الآن، تلزم أصحاب الشركات أن يكتبوا على علبة السجائر “التدخين يقتل”، بدلاً من الجملة السابقة “التدخين ضار جدا بالصحة”.
2- أن السجائر يتخلف عنها روائح في الفم وفي الأنف خبيثة منتنة، وقد قال الله تعالى في سورة الأعراف عن النبي ﷺ أنه ( يحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث )، فنص على أنه خبيث، والخبيث محرم كما جاء في الآية.
3- أنه تبذير وإحراق للمال فيما لا فائدة فيه، بل فيما يضر المدخن ومن حوله، وإنفاق المال في مثل هذا تبذير محرم، وقد قال الله تعالى في سورة الإسراء (ولا تبذر تبذيرًا إن المبذرين كانوا إخوان الشياطين وكان الشيطان لربه كفورًا).
فوصف الله المبذر بأنه من إخوان الشياطين يدل على غاية الحرمة لإنفاق المال في غير وجوه الانتفاع التي أحلها الله سبحانه وتعالى.أهـ
الإسلام يحرم كل ما هو ضار
يقول الشيخ محمد صالح المنجد :
1-الإسلام يحرم كل ما هو ضار لقوله عليه الصلاة والسلام : ” لا ضرر ولا ضرار ” .
ولا شك أن المطعومات والمشروبات منها ما هو نافع طيب ، ومنها ما هو ضار خبيث ، وقد وصف الله سبحانه نبينا ﷺ بقوله تعالى : ( ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث ) ، فهل الدخان من الطيبات أو من الخبائث ؟
2- جاء عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه قال : ” إن الله ينهاكم عن قيل وقال ، وكثرة السؤال وإضاعة المال ” .
ونهى الله سبحانه عن الإسراف فقال تعالى : ( وكلوا واشربوا ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين ).
ووصف عباد الرحمن بقوله تعالى : ( والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواما ).
ويدرك العالم أجمع الآن أن المال المهدر في الدخان عبارة عن مال ضائع لا يستفاد منه ، لا بل ينفق فيما فيه ضرر . ولو أن أموال العالم التي أنفقت في الدخان جُمعت لأنقذت شعوبا ممن أهلكتهم المجاعة ، فهل هناك أسفه من الذي يمسك دولارا ويوقد عليه النار ؟ ما الفرق بينه وبين المدخن ؟ بل المدخن أعظم سفها فالذي يحرق الدولار ينتهي سفهه عند هذا الحد ، وأما المدخن فيحرق المال ويضر بدنه .
3- كم من الكوارث التي سببها الدخان ، بسبب أعقاب السجائر التي تلقى وتتسبب في حرائق ، وغير أعقاب السجائر ، وقد احترق منزل بأكمله على أهله بسبب تدخين صاحب المنزل ، وذلك حين أشعل سيجارته والغاز متسرب .
4- كم الذين يتأذون بروائح المدخنين وبخاصة إذا ابتليت به وهو في جانبك في المسجد ، ولعل الصبر على الروائح الكريهة أهون بكثير من الصبر على رائحة فم المدخن عقب قيامه من النوم . فالعجب من النساء كيف يصبرن على روائح أفواه أزواجهن ؟
وقد نهى النبي ﷺ من أكل ثوما أو بصلاً عن الصلاة في المسجد حتى لا يؤذي المصلين برائحته ، ورائحة البصل والثوم تهون عن رائحة المدخن وفمه .