للسحور بركة عظيمة لما في طعام السحور من تقوية على الصيام، كما أن السحور يجعل المسلم يستيقظ في هذا الوقت المبارك والذي هو من أفضل أوقات العبادة فقد روى عمرو بن عبسة رضي اللَّه عنه قال: قلت يا رسول اللَّه وهل من ساعة أقرب إلى اللَّه تعالى من أخرى؟ قال: جوف الليل الأخير؛ فيكون الاستيقاظ للسحور من أهم الأسباب المعينة على العبادة في هذا الوقت المبارك.
وحول هذه المسألة يقول فضيلة الأستاذ الدكتور محمد سيد أحمد المسير (الأستاذ بجامعة الأزهر):
السُّحور ـ بالضم ـ اسم للفعل أي الإعداد والحركة وتهيئة الطعام في وقت السحر، والسَّحور ـ بالفتح ـ الطعام المأكول ذاته في هذا الوقت.
والحديث الشريف رواه مسلم في صحيحه عن أنس ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله ـ ﷺ: “تسحَّروا فإن في السحور بركة، ويُقرَأ بالروايتين” فعلى رواية الضم يكون المعنى أن وقت السحر وهو ما يقع قبل طلوع الفجر، وقت بركة تتجلى فيه رحمة الله تعالى على عباده ويكون المسلم متهيئًا لقبول هذه النفحات بالذكر والصلاة والدعاء والاستغفار.. قال تعالى: (وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ) (سورة الذاريات:18).
وعلى رواية الفتح يكون المعنى أن الطعام الذي يتناوله المسلم في هذا الوقت من الليل يُساعده على النشاط خلال يوم صيامه فيَقِلُّ شعوره بالجوع والعطش فيكون ذلك أقوى له.
ومن هنا جاء قول رسول الله ـ ﷺ ـ في الصحيح: “إن بلالاً يؤذن بليل فكُلوا واشربوا حتى تسمعوا تأذِين ابن أم مكتوم”.
فكان على عهد رسول الله مؤذنان: أحدهما بلال يُنَبِّه الناس قبل طلوع الفجر إلى قرب الوقت، فإذا جاء الوقت أذن ابن أم مكتوم، وكان الناس يعرفون الصوتين ويميِّزون بينهما.
وجاء في بعض الروايات: “ولم يكن بينهما إلا أن ينزل هذا ويرقى هذا”.
ولا يعني هذا النص أنه لم يكن بينهما فرق زمني وإلا ما صح قول رسول الله: ” فكلوا واشربوا “؛ ولكن المراد أن بلالًا ـ رضي الله عنه ـ كان يؤذن قبل الفجر ثم يظل يراقب طلوع الفجر في موضعه حتى يَحِين فينزل فيُخبر ابن أم مكتوم ـ رضي الله عنه ـ فيتأهَّب بالطهارة ثم يرقى ويَشرَع في الأذان مع أول طلوع الفجر.
وقد جاء في فضل السحور قوله ـ ﷺ: “فضل ما بين صيامنا وصيام أهل الكتاب أكلة السحر.
وتأخير طعام السحر مندوب إليه شرعًا، فعن زيد بن ثابت ـ رضي الله عنه ـ قال: تسحَّرنا مع رسول الله ـ ﷺ ـ ثم قمنا إلى الصلاة، قلت: “كم كان قَدْر ما بينهما، قال: خمسين آيةً.