قصة هذه البئر بدأت منذ أمر الله نبيه إبراهيم عليه السلام بترك زوجته هاجر، وابنها الصغير إسماعيل بأن يتركهما في واد غير ذي زرع أي مكة المكرمة.

وبعد أن نفد طعام وشراب إسماعيل وأصبحت أمه تركض بين الصفا والمروة تبحث له عن ماء فإذا بجبريل عليه السلام يفجر نبع الماء من تحت الطفل الصغير، فقامت وغرفت منه وسقت طفلها وشربت.

فضل ماء زمزم:

روى الطبراني عن عبد الله بن عباس رضي الله تعالى عنهما قال ‏:‏ قال رسول الله ‏:‏ ‏{‏ خير ماء على وجه الأرض ماء زمزم ‏,‏ فيه طعام من الطعم وشفاء من السقم ‏}‏ أي أن شرب مائها يغني عن الطعام ويشفي من السقام ‏,‏ لكن مع الصدق ‏,‏ كما وقع لأبي ذر الغفاري رضي الله تعالى عنه ‏,‏ ففي الصحيح أنه أقام شهرا بمكة لا قوت له إلا ‏‏ ماء زمزم ‏,‏ وروى الأزرقي عن العباس بن عبد المطلب رضي الله تعالى عنه قال ‏:‏ تنافس الناس في زمزم في زمن الجاهلية حتى أن كان أهل العيال يفدون بعيالهم فيشربون فيكون صبوحًا لهم ‏,‏ وقد كنا نعدها عونًا على العيال ‏,‏ قال العباس ‏:‏ وكانت زمزم تسمى في الجاهلية شباعة ‏.‏ ‏

و‏ هو لما شرب له ‏,‏ وجعله الله تعالى لإسماعيل وأمه هاجر طعامًا وشرابًا ‏,‏ وحكى الدينوري عن الحميدي قال ‏:‏ كنا عند سفيان بن عيينة فحدثنا بحديث ‏{‏ ماء زمزم لما شرب له ‏}‏ ‏.‏ فقام رجل من المجلس ثم عاد فقال ‏:‏ يا أبا محمد ‏,‏ أليس الحديث الذي حدثتنا في ماء زمزم صحيحًا ‏؟‏ قال ‏:‏ نعم ‏,‏ قال الرجل ‏:‏ فإني شربت الآن دلوًا من زمزم على أنك تحدثني بمائة حديث ‏,‏ فقال له سفيان ‏:‏ اقعد ‏,‏ فقعد فحدثه بمائة حديث ‏.‏

ودخل ابن المبارك زمزم فقال ‏:‏ اللهم إن ابن المؤمل حدثني عن أبي الزبير عن جابر أن رسول الله قال ‏:‏ ‏{‏ ماء زمزم لما شرب له ‏}‏ اللهم فإني أشربه لعطش يوم القيامة ‏.‏ ‏

‏وماء زمزم شراب الأبرار ‏,‏ عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال ‏:‏ صلوا في مصلى الأخيار واشربوا من شراب الأبرار ‏,‏ قيل ‏:‏ ما مصلى الأخيار ‏؟‏ قال ‏:‏ تحت الميزاب ‏,‏ قيل ‏:‏ وما شراب الأبرار ‏؟‏ قال ‏:‏ ماء زمزم وأكرم به من شراب ‏.‏ ‏

‏وقال الحافظ العراقي ‏:‏ إن حكمة غسل صدر النبي بماء زمزم ليقوى به على رؤية ملكوت السماوات والأرض والجنة والنار ‏;‏ لأنه من خواص ماء زمزم أنه يقوي القلب ويسكن الروع ‏.‏
روى البخاري عن أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه قال ‏:‏ كان أبو ذر رضي الله تعالى عنه يحدث أن رسول الله قال ‏:‏ ‏{‏ فرج سقفي وأنا بمكة ‏,‏ فنزل جبريل عليه السلام ففرج صدري ‏,‏ ثم غسله بماء زمزم ‏,‏ ثم جاء بطست من ذهب ممتلئ حكمة وإيمانًا ‏,‏ فأفرغها في صدري ‏,‏ ثم أطبقه ‏,‏ ثم أخذ بيدي فبرح بي إلى السماء الدنيا ‏}‏ ‏.‏

حكم نقل ماء زمزم إلى بلد الحاج أو المعتمر‏:‏ ‏

اتفق الفقهاء على أنه يجوز التزود من ماء زمزم ونقله ‏;‏ لأنه يستخلف ‏,‏ فهو كالثمرة ‏,‏ وليس بشيء يزول فلا يعود ‏.‏ ‏

‏وذهب الحنفية والمالكية والشافعية إلى أنه يستحب التزود من ماء زمزم وحمله إلى البلاد فإنه شفاء لمن استشفى ‏,‏ وقد روى الترمذي عن ‏{‏ عائشة رضي الله تعالى عنها أنها كانت تحمل من ماء زمزم ‏,‏ وتخبر أن رسول الله كان ‏ يحمله ‏}‏ ‏,‏ وروى غير الترمذي ‏{‏ أنه كان يحمله وكان يصبه على المرضى ويسقيهم ‏}‏ ‏,‏ ‏{‏ وأنه حنك به الحسن والحسين رضي الله تعالى عنهما ‏}‏ ‏,‏ وروى ابن عباس رضي الله تعالى عنهما ‏{‏ أن رسول الله استهدى سهيل بن عمرو من ماء زمزم ‏}‏ ‏,‏ وفي تاريخ الأزرقي ‏”‏ أن النبي استعجل سهيلاً في إرسال ذلك إليه ‏,‏ وأنه بعث إلى النبي براويتين ‏”‏ ‏.‏ ‏
والله تعالى أعلم.