النطق بالنية ، لم يثبت عن النبي ﷺ أو عن أحد من الصحابة ؛ لأن النية عمل من أعمال القلوب لا من أعمال الألسنة ، ومن هنا قالوا : النية محلها القلب .
هل يجب النطق بالنية في العبادات:
إن نية الطهارة من وضوء ، أو غسل أو تيمم ، والصلاة والصيام ، والزكاة والكفارات ، وغير ذلك من العبادات ؛ لا تفتقر إلى نطق اللسان باتفاق أئمة الإسلام ، بل النية محلها القلب باتفاقهم ، فلو تلفظ بلسانه غلطا خلاف ما في قلبه فالاعتبار بما ينوي لا بما لفظ .
ولم يذكر أحد في ذلك خلافا ، إلا أن بعض متأخري أصحاب الشافعي خرَّج وجهاً في ذلك ، وغلَّطه فيه أئمة أصحابه ، ولكن تنازع العلماء هل يستحب اللفظ بالنية ؟ على قولين : فقال طائفة من أصحاب أبي حنيفة ، والشافعي ، وأحمد : يستحب التلفظ بها لكونه أوكد .
وقالت طائفة من أصحاب مالك ، وأحمد ، وغيرهما : لا يستحب التلفظ بها ؛ لأن ذلك بدعة لم ينقل عن رسول الله ﷺ ولا أصحابه ، ولا أمر النبي ﷺ أحداَ من أمته أن يتلفظ بالنية ، ولا علم ذلك أحدا من المسلمين ، ولو كان هذا مشروعاً لم يهمله النبي ﷺ وأصحابه ، مع أن الأمة مبتلاة به كل يوم وليلة .
وهذا القول أصح ، بل التلفظ بالنية نقص في العقل والدين : أما في الدين فلأنه بدعة ، وأما في العقل فلأن هذا بمنزلة من يريد أكل الطعام ، فقال : أنوي بوضع يدي في هذا الإناء أني آخذ منه لقمة ، فأضعها في فمي فأمضغها ، ثم أبلعها لأشبع فهذا حمق وجهل .
وذلك أن النية تتبع العلم ، فمتى علم العبد ما يفعل كان قد نواه ضرورة ، فلا يتصور مع وجود العلم به أن لا تحصل نية ، وقد اتفق الأئمة على أن الجهر بالنية وتكريرها ليس بمشروع ، بل من اعتاده فإنه ينبغي له أن يؤدب تأديبا يمنعه عن التعبد بالبدع ، وإيذاء الناس برفع صوته . أهـ