لقد كان بعض رجال العلم الطبيعي في هذا القرن أو قبله يقولون: إن الأرض تدور والشمس ثابتة، وثبات الشمس مخالف فعلاً لظاهر القرآن الكريم، الذي يقول (والشمس تجري لمستقر لها ذلك تقدير العزيز العليم) (يونس: 38).
ويقول: (وهو الذي خلق الليل والنهار والشمس والقمر، كل في فلك يسبحون)، ويقول: (وسخر الشمس والقمر كل يجري إلى أجل مسمى) فجريان الشمس وسبحاتها وسبحات الأفلاك عمومًا هو ما يدل عليه القرآن .
ولكن هذه النظرية التي كانت تدرس قديمًا في الجغرافيا الفلكية قد ثبت خطؤها علميًا، وجاءت بعدها نظريات أخرى تؤكد أن الشمس أيضًا تجري، فهم يقولون بدوران الأرض، وبجريان الشمس نفسها، فالشمس تدور في محورها، وليست بثابتة كما كان يقال قديمًا .
وهنا لا نجد أبدًا أي تعارض بين القرآن الكريم وبين ما جاء به العلم في هذه الناحية . بعض الناس يظن أن القول بدوران الأرض لا يتفق مع القرآن، وأن القرآن يقول عن الجبال، إن الله أرسى هذه الأرض بالجبال لئلا تميد بنا، ويقول: إن الدوران يفيد الاضطراب، وهذا غير مسلّم، فالمَيَدان والاضطراب شيء، والدوران شيء آخر.
والله تعالى أرسى الأرض بالجبال، لئلا تضطرب، ولئلا تميد، ولئلا يختل ميزانها، وهذا كالسفينة تسير في البحر تكون خفيفة فتلعب بها الأمواج، وتضطرب يمنة ويسرة، فإذا وضعت فيها شيئًا ثقيلاً، امتنعت عن الميدان وعن الاضطراب فثبتت ورسخت مع أنها متحركة .
فإذا قلت إن وضعك هذا الثقل في السفينة لئلا تضطرب، كان قولك صحيحًا مع حركة السفينة الدائبة السائرة .
فالله سبحانه وتعالى وضع الجبال في الأرض أوتادًا لئلا تميد، وهذا لا ينافي أن تكون الأرض متحركة وتدور وتدور … فالثابت فعلاً أن الكون كله يسبح، ويتحرك، هذا ما أثبته العلم وليس في القرآن ما ينافيه أبدًا.