إن تقسيم المال قبل الوفاة على أنه ميراث مكروه ، لأن هذا يترتب عليه مشاكل يصعب تداركها.
يقول الدكتور عبد الرحمن العدوي ، الأستاذ بجامعة الأزهر :
إن الله ـ تعالى ـ حدد أنصباء الوارثين تحديدًا قاطعًا، وأعطى كل ذي حق حقه، وجاءت آيات القرآن الكريم بهذا التحديد الذي يحرم تجاوزه بالزيادة أو النقص، فقد جعل الله ذلك فريضة لازمة وحدًّا من حدود الله التي يجب الوقوف عندها، وعدم تجاوزها، أو تعديها.
وحقوق الوارثين تثبت في تركة المتوفى بعد تجهيزه ودفنه وأداء ديونه وتنفيذ وصاياه في حدود الثلث، أما في حال حياة الإنسان، فلا حق للوارثين في ماله؛ لأنه لا يكون تركة إلا بعد الوفاة، وأداء الحقوق التي ذكرناها.
وقد يتعجل بعض الناس بتوزيع أموالهم وهم أحياء على من يظنون أنهم ورثتهم، ويقصدون بذلك توصيل الحقوق إلى أصحابها، ومنع التنازع والخصام بعد وفاة صاحب المال، وهذا التصرف وإن كانت الدوافع إليه مشروعة، وهي الرغبة في عدم الاختلاف بين الأولاد، إلا أنه تصرف تترتب عليه متاعب ومشاكل غير محسوبة، وليست في ملك الإنسان، ولا يدري ما تأتي به الأيام، فقد يموت بعض من ظنهم ورثته، ويحل محلهم من ظنهم غير وارثين، وقد ينجب صاحب المال أولادًا آخرين، أو تموت زوجه، ويتزوج غيرها. ونحو ذلك من الأمور التي لا سلطان له عليها، ولا يدري عنها شيئًا، وهنا تأتي المشاكل التي قصد تفاديها، ويذهب المال إلى غير مستحقيه، بسبب تسرعه في توزيع ماله حال حياته.
ولذلك فإن من الأسلم والأفضل له، ولمن قدر الله له أن يكون وارثًا أن يترك الإنسان توزيع ماله كما وزعه الله، وفرضه وحدوده عندما يصير المال تركة بعد الوفاة، وذلك خير وأدعى للتسليم بما قضى الله ورسوله (وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرًا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم).