اتفق الفقهاء على أنه إذا تكرر موجب الحد من شخص واحد كمن تكرر منه الزنى أو السرقة ففي هذه الحالة لا يقام عليه إلا حد واحد لأن المقصود من إقامة الحد هو الزجر وفتح باب التوبة أمام كل مذنب ومقصر، وليس الانتقام ، أما إن أقيم عليه الحد ثم عاد إلى الجريمة مرة أخرى ففي هذه الحالة يقام عليه الحد مرة أخرى، ولا يدخل تحت الفعل الذي سبقه.

واتفق الفقهاء على عدم التداخل في الحدود عند اختلاف الجريمة ومقدار الحد كمن قذف وسرق فإنه يجلد للقذف ويقطع للسرقة، وإن اختلفت الجرائم في الجنس واتحدت في القدر كمن قذف وشرب فعند الجمهور غير المالكية لا تتداخل الحدود وذهب المالكية إلى أنه يكتفى بحد واحد.

وإن اختلفت الجرائم وكان فيها حد القتل فذهب الحنفية والمالكية والحنابلة إلى أنه يكتفى بحد القتل فقط ويسقط ما عداه واستثنى المالكية حد القذف فيجلد للقذف ثم يقتل، وخالف الشافعية في ذلك فقالوا يبدأ بالأخف فالأخف ولا يسقط القتل ما سواه من الحدود.

حكم من تكرر من شرب الخمر والسرقة والزنا بعد إقامة الحد

جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية:
اتفق الفقهاء على أن الحدود – كحد الزنى والسرقة والشرب – إذا اتفقت في الجنس والموجب أي الحد فإنها تتداخل، فمن زنى مرارا، أو سرق مرارا، أو شرب مرارا، أقيم عليه حد واحد للزنى المتكرر، وآخر للسرقة المتكررة، وآخر للشرب المتكرر، لأن ما تكرر من هذه الأفعال هو من جنس ما سبقه، فدخل تحته . ومثل ذلك حد القذف إذا قذف شخصا واحدا مرارا، أو قذف جماعة بكلمة واحدة، فإنه يكتفي فيه بحد واحد اتفاقا، بخلاف ما لو قذف جماعة بكلمات، أو خص كل واحد منهم بقذف،

واتفق الفقهاء أيضا على أن من زنى أو سرق أو شرب , فأقيم عليه الحد، ثم صدر منه أحد هذه الأفعال مرة أخرى، فإنه يحد ثانيا، ولا يدخل تحت الفعل الذي سبقه، واتفقوا أيضا على عدم التداخل بين هذه الأفعال عند اختلافها في الجنس والقدر الواجب فيها، فمن زنى وسرق وشرب حد لكل فعل من هذه الأفعال، لاختلافها في الجنس والقدر الواجب فيها، فلا تتداخل .

أما إذا اتحدت في القدر الواجب واختلفت في الجنس، كالقذف والشرب مثلا، فلا تداخل بينها عند غير المالكية، وأما عند المالكية فتتداخل، لاتفاقها في القدر الواجب فيها، وهو الحد، فإن الواجب في القذف ثمانون جلدة وفي الشرب أيضا مثله، فإذا أقيم عليه أحدهما سقط عنه الآخر، ولو لم يقصد عند إقامة الحد إلا واحدا فقط , ثم ثبت أنه شرب أو قذف، فإنه يكتفي بما ضرب له عما ثبت، ومثل ذلك عندهم – أي المالكية – ما لو سرق وقطع يمين آخر، فإنه يكتفي فيه بحد واحد .

تعدد حد القتل

هذا كله إذا لم يكن في تلك الحدود القتل، فإن كان فيها القتل، فإنه يكتفي به عند الحنفية والمالكية والحنابلة، لقول ابن مسعود: ما كانت حدود فيها قتل إلا أحاط القتل بذلك كله , ولأن المقصود الزجر وقد حصل.
واستثنى المالكية من ذلك حد القذف، فقد ذكروا أنه لا يدخل في القتل، بل لا بد من استيفائه قبله.

وأما الشافعية فإنهم لا يكتفون بالقتل، ولم يقولوا بالتداخل في هذه المسألة، بل يقدمون الأخف ثم الأخف، فمن سرق وزنى وهو بكر، وشرب ولزمه قتل بردة أقيمت عليه الحدود الواجبة فيها بتقديم الأخف ثم الأخف .