يقول الدكتور يوسف القرضاوي الإسلام جعل النسب من الكليات الأساسية التي اهتم بها لما يترتب على النسب من أحكام جليلة مثل حرمة الزواج بالمحارم، ووجوب صلة الرحم، والميراث، ووجوب النفقة، ووجوب التناصر والموالاة، وتعلم النسب واجب إذا ترتبت عليه واجبات، فعلى كل مسلم أن يعرف محارمه ليتجنب الزواج بهم، وليتعهدهم بالصلة والرعاية.

الحقيقة أن الإسلام اهتَمَّ بموضوع النسب اهتمامًا بالغًا، حتى إن الفقهاء والأصوليين يعتبرون النسب من الكُلِّيَّات الخمس ـ أو الست على اختلافهم (بعضهم يُضيف “العرض” إليها إذا لم تدخل في “النَّسل” أو النَّسَب) وهي:-

1- حفظ الدين.
2- حفظ النفس.
3- حفظ النَّسل (وأحيانًا يُعبِّرون عنه بالنسب؛ لأن حفظ النسل يقتضي حفظ النسب ولذا اشتدتْ عناية الشرع به).
4- ـ حفظ العقل.
5- حفظ المال.

فموضوع اهتمام الإسلام بحفظ الأنساب من الكليات الأساسية التي جاءت الشريعة الإسلامية بالحفاظ عليها، ومن هنا قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ “تَعلَّموا من أنسابكم ما تَصلِون به أرحامكم فإن صلة الرحم محبة في الأهل، مَثراة في المال، مَنسأة في الأثر”)

(ومعناه كما قال العلامة المناوي في فيض القدير:- “أي مقدارًا تَعرِفون به أقاربكم لتَصِلُوها، فتعليم النسب مندوب كمِثل هذا، وقد يجب إن توقف عليه واجب” وقال ابن حزم: “وأن يعرف مَنْ يَلقاه بنسب في رَحِم مُحرَّمة ليَجتنِبَ تزويج ما حُرِّم عليه منهم، وأن يَعرف مَنْ يَتَّصل به ممن يرثه، أو يجب بِرُّه من صِلَةٍ أو نفقَة أو معاونة”).

و الحديث رواه أحمد والترمذي (عن أبي هريرة: رضي الله عنه) والحاكم، وصححه (وأقره الذهبي، وقال الهيثمي: رجال أحمد قد وُثِّقوا “.

وذلك لأن النسب تترتب عليه آثار كثيرة منها:-

1ـ الميراث: (بالفرض أو العَصُوبة أو الرحم) وكما أنه يرث يَحجُب غيره ممن يستحق الميراث، إذا كان ابنًا سيَحجُب إخوة مَنْ يَرِثُه وعَصَبَتَه الآخرين.

2ـ أنه سبب لثبوت المَحرمِيَّة، بما يَترتَّبُ عليها من جواز الخَلْوة ورؤية الزينة المُبَاحَةِ، وجواز السفر معها… إلخ.

3ـ أنه سبب تحريم التزوُّج في مراتبه من القَرابة والصِّهر.

4ـ النفقات: له وعليه.

5ـ الدِّيَة: له وعليه، في القتل الخطأ وشِبْه العمد، فالدِّية على العاقلة، أي: العَصَبَة.

6ـ أنه سبب لاستحقاق الحضانة أو التربية على مراتبها.

7ـ الولاية في التزويج، والولاية على مال الصغير.

8ـ البِّرُّ والصلة: (وأُولوا الأرحامِ بعضُهم أولى ببعضٍ في كتابِ اللهِ) (الأحزاب: 6) إلى غير ذلك من الآثار؛ ولذلك كان من المُهِمِّ أن تَهتَمَّ الشريعة الإسلامية بالنَّسب.