إن الفقهاء متفقون على مشروعية القنوت في جميع الصلوات المفروضة في حالات النوازل، ومن واجب المسلمين نحو إخوانهم في بلاد المسلمين المستضعفين أن يناصروهم، وأقل ما يمكنهم من نصرتهم أن يدعوا لهم أن يرد الله كيد أعدائهم ،وأن يجعل تدبيرهم تدميرا عليهم ، وأن يرينا فيهم عجائب قدرته ، وأن ينصرنا على القوم الظالمين.
هل القنوت مشروع عند النوازل؟
يقول الشيخ سليمان بن ناصر العلوان:
القنوت في الفرائض مشروع في النوازل خاصة ، فقد كان النبي ﷺ يقنت في الصلوات الخمس يستنصر للمؤمنين ويلعن الكافرين .
-قال أبو هريرة رضي الله عنه : (والله لأُقربنّ بكم صلاة رسول الله ﷺ فكان أبو هريرة يقنت في الظهر والعشاء الآخرة وصلاة الصبح ، ويدعو للمؤمنين ويلعن الكفار ) رواه مسلم ( 676 ) في صحيحه .
-وجاء في الصحيحين من حديث أيوب عن محمد عن أنس رضي الله عنه أن النبي ﷺ “قنت في الصبح بعد الركوع” .
-وفي الصحيحين أيضاً من حديث سليمان التيمي عن أبي مجلز عن أنس قال : ( قنت النبي ﷺ شهراً يدعو على رعل وذكوان ) ـ قبيلتان من الكفار آذوا المسلمين .
-وفي سنن أبي داود من حديث هلال بن خبّاب ( 1443 ) عن عكرمة عن ابن عباس قال : ( قنت رسول الله ﷺ شهراً مُتتابعاً في الظهر والعصر والمغرب والعشاء وصلاة الصبح في دبر كل صلاة إذا قال ” سمع الله لمن حمده ” من الركعة الآخرة يدعو على أحياء من بني سُليم على رعلٍ وذكوان وعصية ، ويؤَمِن مَنْ خَلْفَه ) . قال ابن القيم رحمه الله وهو حديث صحيح .
إلى متى يستمر القنوت عند النوازل؟
يستمر هذا القنوت في مساجد المسلمين حتى يزول العارض وترتفع النازلة .
والسنة في الدعاء الجهر بالصوت ليؤمن المصلون على ذلك .
وهذا أقل شيء يقدمه المسلمون في العالم لإخوانهم المستضعفين في بلاد المسلمين الذين يعانون من ظلم الكافرين.
فحين نقوم في مساجدنا وخلواتنا نبتهل إلى الله في نصرة الإسلام والمسلمين وذل الكفر والكافرين لا نقف عند هذا فحسب ، فقد قال ﷺ “جاهدوا المشركين بأموالكم وأنفسكم وألسنتكم” رواه أبو داود ( 2504 ) وغيره من طريق حماد بن سلمة عن حميد الطويل عن أنس وسنده صحيح .
فالمسلمون مأمورون بأن يكونوا أقوياء لا يهنون لما يصيبهم ولا يستكينون ويضعفون.
ومأمورون بأن يبذلوا أسباب النصر ليرهبوا العدو ويَعْلُوَ سلطانُ الله على سلطان البشر وقوة المؤمنين على قوة الكافرين .
قال تعالى: { إن تنصروا الله ينصركم } .
وقال تعالى: { إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد }.
وقال تعالى: { ولينصرن الله من ينصره }.
ما هو الواجب على المسلم حتى يتحقق النصر؟
واجبنا أن نعبد الله وحده لا شريك له ونقيم الصلاة ونؤتي الزكاة ونؤدي حق الله ونجتنب نهيه. قال تعالى: { الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ ۗ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ } الحج 41
والنصر وراءَ ذلك وعد محقق لا محالة قال تعالى: { وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ ءَامَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (55) وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَءَاتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (56) } النور .