الحلف بالمصحف حكمه والوفاء به

يجب على من حلف بالمصحف أو نظائره الوفاء بما أقسم عليه و إن حنث فى يمينه لزمته كفارة واحدة وهى إما الْإِطْعَامِ أو الْكِسْوَةِ أو َتَحْرِيرِ الرَّقَبَةِ , فَإِنْ عَجَزَ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ , لقوله تعالى : ( لَا يُؤَاخِذُكُمْ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمْ الْأَيْمَانَ , فَكَفَّارَتُهُ إطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ . فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إذَا حَلَفْتُمْ . . . ) البقرة 225

وهذا تفصيل كلام العلماء في الحلف بالمصحف منقولاً من الموسوعة الفقهية :

الْمُعْتَمَدُ فِي مَذْهَبِ الْحَنَفِيَّةِ :أَنَّ الْحَلِفَ بِالْقُرْآنِ يَمِينٌ ; لِأَنَّ الْقُرْآنَ كَلَامُ اللَّهِ تَعَالَى الَّذِي هُوَ صِفَتُهُ الذَّاتِيَّةُ , وَقَدْ تَعَارَفَ النَّاسُ الْحَلِفَ بِهِ , وَالْأَيْمَانُ تُبْنَى عَلَى الْعُرْفِ . أَمَّا الْحَلِفُ بِالْمُصْحَفِ , فَإِنْ قَالَ الْحَالِفُ : أُقْسِمُ بِمَا فِي هَذَا الْمُصْحَفِ فَإِنَّهُ يَكُونُ يَمِينًا . أَمَّا لَوْ قَالَ : أُقْسِمُ بِالْمُصْحَفِ , فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ يَمِينًا ; لِأَنَّ الْمُصْحَفَ لَيْسَ صِفَةً لِلَّهِ تَعَالَى , إذْ هُوَ الْوَرَقُ وَالْجِلْدُ , فَإِنْ أَرَادَ مَا فِيهِ كَانَ يَمِينًا لِلْعُرْفِ .

وَقَالَ الْمَالِكِيَّةُ :يَنْعَقِدُ الْقَسَمُ بِالْقُرْآنِ وَبِالْمُصْحَفِ , وَبِسُورَةِ الْبَقَرَةِ أَوْ غَيْرِهَا , وَبِآيَةِ الْكُرْسِيِّ أَوْ غَيْرِهَا , وَبِالتَّوْرَاةِ وَبِالْإِنْجِيلِ وَبِالزَّبُورِ ; لِأَنَّ كُلَّ ذَلِكَ يَرْجِعُ إلَى كَلَامِهِ تَعَالَى الَّذِي هُوَ صِفَةٌ ذَاتِيَّةٌ , لَكِنْ لَوْ أَرَادَ بِالْمُصْحَفِ النُّقُوشَ وَالْوَرَقَ لَمْ يَكُنْ يَمِينًا .

وَقَالَ الشَّافِعِيَّةُ :تَنْعَقِدُ الْيَمِينُ بِكِتَابِ اللَّهِ وَالتَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ مَا لَمْ يُرِدْ الْأَلْفَاظَ , وَبِالْقُرْآنِ وَبِالْمُصْحَفِ مَا لَمْ يُرِدْ بِهِ وَرَقَهُ وَجِلْدَهُ ; لِأَنَّهُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ لَا يَنْصَرِفُ عُرْفًا إلَّا لِمَا فِيهِ مِنْ الْقُرْآنِ .

وَقَالَ الْحَنَابِلَةُ :الْحَلِفُ بِكَلَامِ اللَّهِ تَعَالَى وَالْمُصْحَفِ وَالْقُرْآنِ وَالتَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالزَّبُورِ يَمِينٌ , وَكَذَا الْحَلِفُ بِسُورَةٍ أَوْ آيَةٍ .

قال منصور بن يوسف فى كشاف القناع : وَإِنْ حَلَفَ بِكَلَامِ اللَّهِ فَهُوَ يَمِينٌ لِأَنَّهُ صِفَةٌ مِنْ صِفَاتِ ذَاتِهِ أَوْ حَلَفَ بِالْمُصْحَفِ فَهُوَ يَمِينٌ وَلَمْ يَكْرَهْ أَحْمَدُ الْحَلِفَ بِالْمُصْحَفِ لِأَنَّ الْحَالِفَ إنَّمَا قَصَدَ الْمَكْتُوبَ فِيهِ وَهُوَ الْقُرْآنُ فَإِنَّهُ عِبَارَةٌ عَمَّا بَيْنَ دَفَّتِي الْمُصْحَفِ بِالْإِجْمَاعِ أَوْ حَلَفَ بِالْقُرْآنِ أَوْ بِسُورَةٍ مِنْهُ أَوْ بآيَةٍ مِنْهُ أَوْ بِحَقِّ الْقُرْآنِ فَهِيَ يَمِينٌ لِأَنَّهُ حَلَفَ بِصِفَةٍ مِنْ صِفَاتِ ذَاتِهِ تَعَالَى فِيهَا كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ لِأَنَّهُ لَوْ تَكَرَّرَتْ الْيَمِينُ بِصِفَةٍ مِنْ صِفَاتِهِ تَعَالَى وَجَبَتْ كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ فَإِذَا كَانَتْ الْيَمِينُ وَاحِدَةً كَانَ أَوْلَى.