قرر أهل العلم أن الشيخ الفاني، والمرأة المسنة، أو المريض مرضاً لا يرجى برؤه وزواله . هل ‏يحج عنهم أو لاً ؟ ذهب كثير من أهل العلم إلى أنه من استطاع السبيل إلى الحج ثم ‏عجز عنه لمرض لا يرجى برؤه، أو شيخوخة، أنه يلزمه أن يستنيب من يحج عنه، وبهذا ‏قال الأئمة أبو حنفية ، والشافعي، وأحمد.‏
وقال الإمام مالك : لا حج عليه مادام لا يستطيع الحج بنفسه.‏

شروط الحج عن الغير:

اشترط الفقهاء شروطاً للحج عن الغير، نذكر أهمها:
1 –
 نية النائب عن الأصيل عند الإحرام؛ لأن النائب يحج عن الأصيل لا عن نفسه فلا بد من نيته، كأن يقول: أحرمت عن فلان أو لبيك عن فلان. وهذا الشرط متفق عليه.
2 – أن يكون الأصيل عاجزاً عن أداء الحج بنفسه وله مال، فإن كان قادراً على الأداء بأن كان صحيح البدن ـ وله مال ـ فلا يجوز حج غيره عنه باتفاق الجمهور غير المالكية. أما المالكية: فلم يجيزوا الحج عن الحي مطلقاً. وعليه: لا يجوز أن يستنيب في الحج الواجب من يقدر على الحج بنفسه إجماعاً. وأجاز الجمهور الحج عن الميت، لكن إذا أوصى عند الحنفية والمالكية. وقال الشافعية والحنابلة: يجب الحج عنه إذا كان قادراً ومات مفرطاً.
3 – أن يستمر العجز كالمرض إلى الموت. وهذا باتفاق الحنفية والشافعية، فلو زال العجز قبل الموت لم يجزئه حج النائب؛ لأن جواز الحج عن الغير ثبت بخلاف القياس لضرورة العجز الذي لا يُرجى برؤه، فيتقيد الجواز به.
وقال الحنابلة: يجزئه؛ لأنه أتى بما أمر به. فخرج عن العهدة كما لو لم يزل عذره. وهذا أظهر.
4 – أن يُحْرِمَ على النحو الذي طالب به الأصيل. فلو اعتمر مثلاً وقد أمره بالحج، ثم حج من مكة، لا يجوز عند الحنفية.
وكذا لو أوصى بالحج وحدد المال أو المكان؛ فالأمر على ما حدده وعينه؛ وإن لم يحدد شيئاً فالحج من بلد المنوب عنه؛ لأن الحــج وجب على الأصيل من بلده فوجب أن ينوب عنه منه، وهذا عند الحنفية والحنابلة. وقال الـشـافـعـيــة: يجب على النائب الحج من ميقات الأصيل؛ لأن الحج يجب من الميقات.
5 – يجب أن يكون النائب قد حج عن نفسه قبل الحج عن الغير عند الشافعية والحنابلة لحديث ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ أن النبي سمع رجلاً يقــول: “لبيك عن شبرمة” قال: مَنْ شبرمة؟. قال: أخ لي، أو قريب. قــال: حججت عن نفسك؟ قال: لا. قال: “حـجَّ عن نفسك، ثم حج عن شبرمة”.
ويـجوز عند الحنفية ـ مع الكراهة التحريمية ـ الحج عن الغير قبل أن يحج الرجل عن نفسه.