ذهب جمهور الفقهاء إلى أن قضاء ما فات من أيام رمضان لا يجب فيه التتابع فمن كان عليه قضاء أيام من رمضان فهو بالخيار إن شاء تابع وإن شاء فرق، ولكن يستحب له التتابع للمسارعة إلى إسقاط الفرض وخروجا من الخلاف.
وخالف بعض الفقهاء فقالوا بوجوب التتابع في قضاء الصوم والراجح ما ذهب إليه جمهور الفقهاء لقوة أدلتهم.
جاء في كتاب المغني لابن قدامة الحنبلي في الجزء الثالث ص 43 وما بعدها:-:
وقضاء شهر رمضان متفرقا يجزئ , والمتتابع أحسن، هذا قول ابن عباس , وأنس بن مالك , وأبي هريرة , وابن محيريز , وأبي قلابة , ومجاهد , وأهل المدينة , والحسن , وسعيد بن المسيب , وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة وإليه ذهب مالك , وأبو حنيفة , والثوري , والأوزاعي , والشافعي , وإسحاق.
وحكي وجوب التتابع عن علي وابن عمر والنخعي, والشعبي وقال داود : يجب , ولا يشترط ; لما روى ابن المنذر , بإسناده عن أبي هريرة , أن النبي ﷺ قال: ” من كان عليه صوم رمضان , فليسرده , ولا يقطعه .
ولنا إطلاق قول الله تعالى : ” فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ” البقرة : 184، غير مقيد بالتتابع . فإن قيل : قد روي عن عائشة , أنها قالت : نزلت ” فعدة من أيام أخر متتابعات ” فسقطت ” متتابعات ” قلنا : هذا لم يثبت عندنا صحته , ولو صح فقد سقطت اللفظة المحتج بها . وأيضا قول الصحابة , قال ابن عمر: إن سافر ; فإن شاء فرق , وإن شاء تابع وروي مرفوعا إلى النبي ﷺ.
وقال أبو عبيدة بن الجراح , في قضاء رمضان : إن الله لم يرخص لكم في فطره , وهو يريد أن يشق عليكم في قضائه وروى الأثرم , بإسناده عن محمد بن المنكدر , أنه قال : بلغني “أن رسول الله ﷺ سئل عن تقطيع قضاء رمضان؟ فقال رسول الله ﷺ : لو كان على أحدكم دين , فقضاه من الدرهم والدرهمين , حتى يقضي ما عليه من الدين , هل كان ذلك قاضيا دينه؟ قالوا : نعم , يا رسول الله . قال : فالله أحق بالعفو والتجاوز منكم”؛ ولأنه صوم لا يتعلق بزمان بعينه . فلم يجب فيه التتابع , كالنذر المطلق , وخبرهم لم يثبت صحته , فإن أهل السنن لم يذكروه , ولو صح حملناه على الاستحباب , فإن المتتابع أحسن ; لما فيه من موافقة الخبر , والخروج من الخلاف وشبهه بالأداء.)
وجاء في الموسوعة الفقهية الكويتية:
ذهب جمهور الفقهاء إلى عدم اشتراط التتابع في قضاء رمضان, لقوله تعالى: (فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ) فإنه ذكر الصوم مطلقا عن التتابع.
ويروى عن جماعة من الصحابة , منهم : علي , وابن عباس , وأبو سعيد , وعائشة, رضي الله تعالى عنهم أنهم قالوا : ” إن شاء تابع , وإن شاء فرق ولو كان التتابع شرطا , لما احتمل الخفاء على هؤلاء الصحابة , ولما احتمل مخالفتهم إياه.
ومذهب الجمهور هو: ندب التتابع أو استحبابه للمسارعة إلى إسقاط الفرض وروي عن مجاهد أنه يشترط تتابعه لأن القضاء يكون على حسب الأداء , والأداء وجب متتابعا , فكذا القضاء .