‏اختلف الفقهاء في حكم الاختضاب بالسواد ‏:‏ فالحنابلة والمالكية والحنفية ‏-‏ ما عدا أبا يوسف ‏-‏ يقولون ‏:‏ بكراهة الاختضاب بالسواد في غير الحرب ‏.‏ أما في الحرب فهو جائز إجماعًا ‏،‏ بل هو مرغب فيه ‏،‏ ‏{‏ لقول النبي في شأن أبي قحافة والد أبي بكر رضي الله عنه لما جيء إليه عام الفتح ‏،‏ ورأسه يشتعل شيبًا ‏:‏ اذهبوا به إلى بعض نسائه فلتغيره ‏،‏ وجنبوه السواد ‏}‏ ‏.‏ ‏

‏وقال الحافظ في الفتح ‏:‏ إن من العلماء من رخص في الاختضاب بالسواد للمجاهدين ‏،‏ ومنهم من رخص فيه مطلقًا ‏،‏ ومنهم من رخص فيه للرجال دون النساء ‏،‏ وقد استدل المجوزون للاختضاب بالسواد بأدلة ‏:‏ منها ‏:‏ قول رسول الله ‏{‏ إن أحسن ما اختضبتم به لهذا السواد ‏،‏ أرغب لنسائكم فيكم ‏،‏ وأهيب لكم في صدور أعدائكم ‏}‏ ‏.‏ ‏

ومنها ما روي عن عمر بن الخطاب أنه كان يأمر بالخضاب بالسواد ‏،‏ ويقول ‏:‏ هو تسكين للزوجة ‏،‏ وأهيب للعدو ‏.‏ ‏

‏ومنها أن جماعة من الصحابة اختضبوا بالسواد ‏،‏ ولم ينقل الإنكار عليهم من أحد ‏،‏ منهم عثمان وعبد الله بن جعفر والحسن والحسين ‏.‏ وكان ممن يختضب بالسواد ويقول به محمد بن إسحاق صاحب المغازي ‏،‏ وابن أبي عاصم ‏،‏ وابن الجوزي ‏.‏ ومنها ما ورد عن ابن شهاب قال ‏:‏ ‏”‏ كنا نختضب بالسواد إذ كان الوجه جديدًا ‏(‏ شبابًا ‏)‏ فلما نفض الوجه والأسنان ‏(‏ كبرنا ‏)‏ تركناه ‏”‏ ‏.‏ ‏

‏وللحنفية رأي آخر بالجواز ‏،‏ ولو في غير الحرب ‏،‏ وهذا هو مذهب أبي يوسف ‏.‏ وقال الشافعية بتحريم الاختضاب بالسواد لغير المجاهدين ‏;‏ لقول النبي ‏:‏ ‏{‏ يكون قوم في آخر الزمان يخضبون بالسواد ‏،‏ لا يريحون رائحة الجنة ‏}‏ ‏،‏ ولقوله ‏{‏ في شأن أبي قحافة ‏:‏ وجنبوه السواد ‏}‏ ‏،‏ فالأمر عندهم للتحريم ‏،‏ وسواء فيه عندهم الرجل والمرأة ‏.‏انتهى نقلاً عن الموسوعة الفقهية الصادرة عن وزارة الأوقاف بالكويت