اختلف الفقهاء في حكم صبغ الشعر بالسواد الخالص على أقوال ثلاثة، قول بالجواز، وقول بالكراهة، وقول بالتحريم، وجمهور الفقهاء الحنابلة والمالكية والحنفية يقولون بكراهة الاختضاب بالسواد في غير الحرب، أما في الحرب فهو جائز إجماعا، بل هو مرغب فيه.

والمسألة من مسائل الخلاف التي لا يجوز فيها الإنكار على المخالف، مع التأكيد على أنه لا خلاف في حرمة الخضاب بالسواد إذا كان القصد منه التغرير والتدليس.

يقول سماحة الدكتور عبد الله بن بيه –نائب رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين-:

اختلف العلماء في الخضاب بالسواد على ثلاثة أقوال:

قول بالجواز وقول بالكراهة وقول بالتحريم بناء على أدلة مختلفة في ظاهرها، وهو حديث أبي قحافة حيث أمر النبي – صلى الله عليه وسلم– بتغيير شيبه قائلا: “وجنبوه السواد.

فحمله على الكراهة أكثر العلماء وليس على التحريم وهذا مذهب مالك وأبي حنيفة وأحمد كما في المغنى وهو قول أكثر الشافعية خلافاً للنووي القائل بالتحريم. وقال بالجواز أبو يوسف من الأحناف وذكر جمع من شروح رسالة ابن أبي زيد بقيود.

– وقد خضب بالسواد جماعة من الصحابة منهم سيدنا عثمان وسيدنا الحسن وسيدنا الحسين رضي الله عنهم، ومن التابعين ابن سيرين وأبو بردة وغيرهما.

وألف ابن الجوزي رسالة فيه سماها ” حسن الخطاب في الشيب والخضاب”

والأمر واسع إذا لم يغر به امرأة ليتزوجها فيكون مدلساً أما إذا كانت زوجته تعرف حاله فلا بأس به لإيناسها وبخاصة في إذا كان ما زال في فترة الشباب لأنه إنما يكره للشيخ الكبير لبشاعته وهذا ما حمل عليه بعضهم النهي باعتبار حال أبي قحافة رضي الله عنه. ( يراجع فتح الباري للحافظ ابن حجر وغيره من كتب السنة والفقه) انتهى كلام الدكتور ابن بيه..

وجاء في الموسوعة الفقهية الكويتية:

اختلف الفقهاء في حكم الاختضاب بالسواد: فالحنابلة والمالكية والحنفية -ما عدا أبا يوسف- يقولون: بكراهة الاختضاب بالسواد في غير الحرب، أما في الحرب فهو جائز إجماعا، بل هو مرغب فيه؛  لقول النبي صلى الله عليه وسلم في شأن أبي قحافة والد أبي بكر رضي الله عنه لما جيء إليه عام الفتح ، ورأسه يشتعل شيبا: “اذهبوا به إلى بعض نسائه فلتغيره ، وجنبوه السواد” .

وقال الحافظ في الفتح: إن من العلماء من رخص في الاختضاب بالسواد للمجاهدين، ومنهم من رخص فيه مطلقا، ومنهم من رخص فيه للرجال دون النساء، وقد استدل المجوزون للاختضاب بالسواد بأدلة: منها: قول رسول الله صلى الله عليه وسلم “إن أحسن ما اختضبتم به لهذا السواد، أرغب لنسائكم فيكم، وأهيب لكم في صدور أعدائكم”

– ومنها ما روي عن عمر بن الخطاب أنه كان يأمر بالخضاب بالسواد ، ويقول : هو تسكين للزوجة ، وأهيب للعدو .

– ومنها أن جماعة من الصحابة اختضبوا بالسواد، ولم ينقل الإنكار عليهم من أحد، منهم عثمان وعبد الله بن جعفر والحسن والحسين.

وكان ممن يختضب بالسواد ويقول به محمد بن إسحاق صاحب المغازي، وابن أبي عاصم، وابن الجوزي. ومنها ما ورد عن ابن شهاب قال: ” كنا نختضب بالسواد إذ كان الوجه جديدا ( شبابا ) فلما نفض الوجه والأسنان ( كبرنا ) تركناه”.

وللحنفية رأي آخر بالجواز، ولو في غير الحرب ، وهذا هو مذهب أبي يوسف .

وقال الشافعية بتحريم الاختضاب بالسواد لغير المجاهدين؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم : “يكون قوم في آخر الزمان يخضبون بالسواد، لا يريحون رائحة الجنة”، ولقوله صلى الله عليه وسلم في شأن أبي قحافة “وجنبوه السواد”، فالأمر عندهم للتحريم، وسواء فيه عندهم الرجل والمرأة.