يقول فضيلة الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي:
إن الإنسان بعد أن يدخل في الإسلام بالإقرار بالشهادتين، يصبح -بمقتضى إسلامه- ملتزما بجميع أحكام الإسلام، والالتزام يعني الإيمان بعدالتها وقدسيتها، ووجوب الخضوع والتسليم لها، والعمل بموجبها. أعني الأحكام النصية الصريحة الثابتة بالكتاب والسنة.
فليس له خيار تجاهها بحيث يقبل أو يرفض، ويأخذ أو يدع، بل لابد أن ينقاد لها مسلما راضيا، محلا حلالها، محرما حرامها، معتقدا بوجوب ما أوجبت، واستحباب ما أحبت.
يقول تعالى: (وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم)، وقال تعالى: (إنما كان قول المؤمنين إذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم أن يقولوا: سمعنا وأطعنا)، وقال تعالى: (فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم، ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما).
ومن المهم أن نعرف هنا، أن من أحكام الإسلام من الواجبات والمحرمات والعقوبات وغيرها من التشريعات، ما ثبت ثبوتا قطعيا، وأصبح من الأحكام اليقينية، التي لا يتطرق إليها ريب ولا شبهة، أنها من دين الله وشرعه، وهي التي يطلق عليها علماء الإسلام اسم “المعلوم من الدين بالضرورة”.
وعلامتها أن الخاصة والعامة يعرفونها، ولا يحتاج إثباتها إلى نظر واستدلال، وذلك مثل فرضية الصلاة والزكاة وغيرها من أركان الإسلام وحرمة القتل والزنا وأكل الربا وشرب الخمر ونحوها من الكبائر، ومثل الأحكام القطعية في الزواج والطلاق والميراث والحدود والقصاص وما شابهها.
فمن أنكر شيئا من هذه الأحكام “المعلومة من الدين بالضرورة” أو استخف بها واستهزأ فقد كفر كفرا صريحا، وحكم عليه بالردة عن الإسلام. وذلك أن هذه الأحكام نطقت بها الآيات الصريحة، وتواترت بها الأحاديث الصحيحة، وأجمعت عليها الأمة جيلا بعد جيل، فمن كذب بها فقد كذب نص القرآن والسنة. وهذا كفر.
ولم يستثن من ذلك إلا من كان حديث عهد بالإسلام، أو نشأ ببادية بعيدة عن أمصار المسلمين، ومظان العلم، فهذا يعذر إذا أنكر هذه الضروريات الدينية، حتى يعلم ويفقه في دين الله، فيجري عليه بعد ذلك ما يجري على سائر المسلمين.