يقول سماحة العلامة عبد العزيز بن باز – رحمه الله :ـ أهل الفلاح والنصر والعاقبة الحميدة هم الذين عملوا الصالحات وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة ونصروا الله عز وجل . وهم المذكورون في قوله تعالى : ( وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ ) فالدواء واضح والعلاج بيِّن ، لكن أين من يريد الدواء وأين من يريد العلاج وأين من يستعمله؟!
هذا واجب الجميع من علماء وأعيان وغيرهم؛ وذلك بإقام الصلاة وإيتاء الزكاة والحفاظ على ذلك ؛والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والتفقه في الدين وإصلاح المناهج في المدارس في جميع المراحل والتعاون أيضا في التكاتف والاتحاد مع الإخلاص لله في العمل والصدق فيه ونية الآخرة .
وبذلك يستحقون النصر من الله والتأييد منه سبحانه كما كان الأمر كذلك عند سلفنا الصالح مما لا يخفى على أهل العلم .
وهكذا صلاح الدين الأيوبي قصته معروفة ومحمود زنكي كذلك . فالمقصود أن سلفنا الصالح الأوائل لما صدقوا في الله تعالى في وقت نبيهم وبعده أعزهم الله وأعلى شأنهم واستولوا على المملكتين العظمتين – مملكة الأكاسرة ومملكة الروم في الشام وما حولها – ثم من بعدهم ممن صدق في دين الله نصرهم الله لما عندهم من الصدق والتكاتف في إعلاء كلمة الله . ثم في أوقات متعددة متغايرة يأتي أناس لهم من الصدق والإخلاص ما لهم فيؤيدون وينصرون على قدر إخلاصهم واجتهادهم وبذلهم .
والذي نصر الأولين ونصر الآخرين سبحانه وتعالى هو الله عز وجل وهو ناصر من نصره وخاذل من خذله.
-كما قال الله تعالى : ( أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ ).
-وقال سبحانه (وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لَا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا ).
-وقال عز وجل : ( كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ )
ولكن المصيبة في أنفسنا كما قال عز وجل ( وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ ) فالمصيبة جاءت من ضعف المسلمين وتكاسلهم وجهلهم وإيثارهم العاجلة وحبهم الدنيا وكراهة الموت وتخلفهم عما أوجب الله وترك الصلوات واتباع الشهوات وإيثار العاجلة والعكوف على المحارم والأغاني الخليعة والفساد للقلوب والأخلاق . . إلخ .
فمن هذا وأشباهه سلط الله على المسلمين عدوهم كما قال جل وعلا (وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا)
نسأل الله عز وجل أن يمن علينا وعلى جميع المسلمين بالتوبة إليه والاستقامة على أمره والتعاون على البر والتقوى والتفقه في الدين والصبر على مراضيه والبعد عن مساخطه سبحانه ، كما نسأله سبحانه أن يعيذنا جميعا من مضلات الفتن ومن أسباب النقم وأن ينصر دينه ويعلي كلمته وأن يجمع كلمة المسلمين على الحق والهدى وأن يصلح الجميع إنه سميع قريب . وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .