يقول الله تعالى عن يوم القيامة( يَوْمَ نَدْعُو كُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ ) (سورة الإسراء : 71) .
يقول المفسّرون: الإمام هو الكِتاب، وقيل: الرسول. فيقال يا أمّة القرآن، ويا أمّة الإنجيل، أو يقال: يا أمّة محمد، ويا أمّة عيسى، وكذلك كل من يتبعون فكرًا معيّنًا يسيرون خلف صاحب هذا الفكر، فهو إمامهم في ذلك. ويصنف القوم إلى مؤمنين وكافرين، كما يصنف المؤمنون إلى من يدخلون الجنة رأسًا، ومن يدخلون بعد عقابهم في النار إلى أجل.
ومن هذا نعلم أن الرسول ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ يعرف أمته إجمالاً عند هذا النداء، كما أنه يعرفهم أيضًا بعلامة أخرى جاءت فيما رواه مسلم في حديث طويل أنّه ـ ﷺ ـ أتى المقْبَرة ـ بضم الباء وفتحها ـ فقال:” السّلام عليكم دار قوم مؤمنين، وإنّا إِن شاء الله بكم عن قريبٍ لاحِقون، ودِدت أنّا قد رأينا إخواننا” قالوا: أو لسْنا بإخوانِك يا رسول الله؟ قال:” أنتم أصحابي وإخوانُنا الذين لم يأتُوا بعدُ” قالوا: كيف تعرف مَن لم يأت بعد من أمّتك يا رسول الله؟ قال:” أرأيت لو أن رجلاً له خيل غير مُحجّلة بين ظَهري خيل دُهْمٍ بُهْمٍ، ألا يعرف خيله ” قالوا: بلى يا رسول الله قال:” فإنّهم يأتون غُرًّا محجّلين من الوضوء، وأنا فرطُهم على الحوض” يعني: لهم بَياض في وجوههم وفي أرجلهم من أثر الوضوء.
وإذا كان الحديث يثبت أنّه سيكون على الحوض يوم القيامة ليسقى منه أمته التي عرفها بهذه السِّيما، فإن بعضهم لا يستحق التكريم بشربه من الحوض، حيث لم يعرف الرسول تفاصيل أعمالهم، ولذلك في رواية لمسلم قريبة من رواية البخاري ” ترِد عليَّ أمّتي الحوض وأنا أذود الناس عنه كما يذود الرجل إبل الرجل عن إبله” قالوا: يا نبي الله تعرِفنا؟ قال” نعم، لكم سِيما ليستْ لأحد غيركم، تردون عليَّ غُرًّا محجّلين من آثار الوضوء، وليصدن عنِّي طائفة منكم فلا يقبلون فأقول: يا ربّ هؤلاء من أصحابي فيُجيبني ملَك فيقول: وهل تدري ما أحدثوا بعدك”.