1 ـ ليكن معلومًا أن مَنْ لم يذكر الله أثناء الوضوء فوضوؤه صحيح، ومن تكلَّمَ بكلام الدنيا فوضوؤه أيضًا صحيح.
2 ـ لكن هل الأفضل السكوت أو ذكر الله؟ قال جماعة. الأفضل السكوت، وذلك لاتِّبَاعِ النبي ـ ﷺ ـ وقال جماعة الذكر أفضل، وذلك للأمر بالذكر عمومًا، وعدم وُرُودِ نَهْيٍ عنه من النبي ـ ﷺ ـ والخلاف جاء بسبب الحديث “مَنْ أَحْدَثَ في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رَدٌّ ” رواه البخاري ومسلم.
فالقائلون بالسكوت قالوا: إنَّ إحداث ذِكْرٍ يُعتبر إحداثًا لأمر ليس من الدين، والقائلون بالذكر قالوا: الذكر مطلوب بوجه عامٍّ دون التقيد بزمان أو مكان كما قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الذينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللهَ ذِكْرًا كَثِيرًا وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلا) (الأحزاب: 41 ـ42) فالذكر أثناء الوضوء داخل تحت الأمر العام، وعليه فليس فيه إحداثُ أَمْرٍ في الدين ليس منه.
3 ـ تُسَنُّ التسمية في أول الوضوء، لحديث” كُلُّ أمْرٍ ذي بال لا يُبدأ فيه ببسم الله الرحمن الرحيم فهو أَقْطَعُ” وفي رواية بالحمد لله. رواه أبو داود وغيره وحَسَّنَهُ ابن الصلاح وغيره ولحديث “لا وضوءَ لِمَنْ لم يذكر اسم الله عليه” رواه أبو داود وغيره، ولأحاديث أخرى في سنن البيهقي وحَكَمَ هو وغيره بضعفها. ومَنْ تَرَكَهَا سَهْوًا أو عمدًا فوضوؤه صحيح على رأْيِ جمهور العلماء. وقال الحنابلة بوجوبها لو تُرِكَتْ عمدًا بطل الوضوء.
ويُسَنُّ بعد الانتهاء من الوضوء قول: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، ففي حديث مسلم أن َّمَنْ قالها فُتحت له أبواب الجنة الثمانية يدخل من أيها شاء. وفي رواية الترمذي. زيادة “اللهُمَّ اجعلني من التوابين واجعلني من المتطهرين” وفي رواية ضعيفة للنسائي زيادة “سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنتَ أَسْتغفرُكَ وأتوب إليك.” كما رُوِيَتْ أحاديث ضعيفة في تكرار الشهادة ثلاث مرات “الأذكار للنووي ص 32” أما الذكر أثناء الوضوء، فقد وَرَدَ فيه حديث صحيح عن أبي موسى الأشعري أنه أتى النبي ـ ﷺ ـ بِوَضُوءٍ ـ بفتح الواو أي الماء الذي يُتوضأ به ـ فسمعته يقول “اللهُمَّ اغفرْ لي ذنبي، ووَسِّعْ لي في داري، وباركْ لي في رزقي” وفيه اختلاف في مكان هذا الذكْر، فرواه ابن السني على أنه في خلال الوضوء، ورواه النسائي على أنه بعد الوضوء، وفيه أن أبا موسى قال” يا نبيَّ الله سمعتك تدعو بكذا وكذا، قال “وهل تَرَكْنَ مِنْ شيء.
4 ـ أما الدعاء على أعضاء الوضوء فلم يَرِدْ فيه شيء عن النبي ـ ﷺ ـ. يقول النووي في كتابه “الأذكار”.
قال الفقهاء: يُستحب فيه دعوات جاءت عن السَّلَفِ وزادوا ونقصوا فيها، فالمتحصِّل مما قالوه. أن يقول بعد التسمية: الحمد لله الذي جَعَلَ الماء طهورًا، ويقول عند المضمضة. اللهم اسقني من حوض نبيك ـ ﷺ ـ كَأْسًا لا أظمأ بعده أبدًا، ويقول عند الاستنشاق: اللهم لا تَحرمني رائحةَ نعيمك وجناتك، ويقول عند غَسْلِ الوجه. اللهم بَيِّضْ وجهي يوم تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وتَسْوَدُّ وُجوه، ويقول عند غسل اليدين: “اللهم أعطني كتابي بِيَمِينِي وحَاسِبْنِي حسابًا يسيرًا، اللهم لا تُعْطِنِي كتابي بشمالي ولا مِنْ وراء ظهري، ويقول عند مسح الرأس: اللهم حَرِّمْ شعري وبشري على النار، وأَظِلَّنِي تحت عَرْشِكَ يَوْمَ لا ظِلَّ إلا ظلك.
ويقول عند مسح الأُذنين: اللهم اجعلني من الذين يستمعون القول فيتعبون أحسنه، ويقول عند غسل الرجلين: اللهم ثَبِّتْ قَدَمِي على الصراط المستقيم.
فهذه الأدعية وإنْ لم يُرَدْ بها حديث عن النبي ـ ﷺ ـ لا بَأْسَ بها، وبخاصة أنها وردت عن السلف، وداخلة تحت الأمر العام بذكر الله ولم يَرِدْ نَهْيٌ عنها.