احترام القرآن من الأمور التي حث عليها الشارع الحكيم ،فلا يجوز أن يمتهن القرآن ،ولا أن يدنس ،ولا أن يوضع في المزابل وغيرها من الأماكن التي لا تليق ومكانة القرآن كالقبور، فدفن المصحف مع الميت حرام.
يقول الشيخ حسنين مخلوف، مفتي مصر الأسبق -رحمه الله تعالى- :
أَجْمَع المسلمون على وجوب تعظيم المصحف واحترامه وتوقيره وصيانته من كل دنس وقَذَر، حتى حكم الفقهاء بكفر من ألقى به في القاذورات، ونَصُّوا على حرمة وضعه في الأماكن المهينة، وحرمة كتابته بمادة نَجِسَة، وحرمة السفر به وقت الحرب إلى أرض العدو إذا خيف وقوعه في أيديهم وامتهانهم له، وعلى حُرْمَة اتخاذه كوسادة للنوم، أو للاتكاء عليه، وعلى حرمة الدخول به في بيت الخلاء، كما أَفْتَى بذلك الإمام أبو عمرو بن الصلاح.
ومن تعظيمه تحريم مَسِّه على الحائض والنفساء والجنب والمُحدِث لقوله تعالى: ( لَا يَمَسُّهُ إِلَّا المُطَهَّرُونَ) {الواقعة : 79} على القول بأن الضمير في قوله “لا يَمَسُّه” عائد إلى القرآن، ويؤيده ما رواه حكيم بن حزام أن النبي ـ ﷺ ـ قال: “لا تَمَسَّ القرآن إلا وأنت طاهر”.
وقال الإمام النووي الشافعي: يَحْرُم على المُحدِث مَسُّ المصحف وحمْله سواء حَمَلَه بعلاقة أو في كمه أو على رأسه، وسواء مَسَّ نفْس الأسطر أو ما بَيْنَها أو الحواشي أو الجِلْد فكل ذلك حرام اهـ.
ولا شُبهة في أن جسم الميت يَتَحَلَّل منه بعد الدفن قَيْحٌ وصديد وسوائل نَجِسَة ويُصْبِح جيفة قذرة، فإذا وضع المصحف معه تَلْحَقُهُ لا محالة هذه النجاسات وذلك محرم شرعًا.
وأفتى ابن الصلاح بأنه لا يجوز أن يُكتَبَ على الكفن يس والكهف ونحوهما خوفًا من صديد الميت. ثم قال: إنه لا يجوز تعريض الأسماء المعظمة للنجاسة اهـ.
ونُقِلَ عن عن بعض الفقهاء أنه تُكره كتابة القرآن وأسماء الله تعالى على الدراهم وما يُفْرَش، وما ذاك إلا لاحترام كتاب الله وخشية وَطْئِه ونحوه مما فيه إهانة، فالمنع هنا، أي من الكتابة على الكفن، ثابت بالأولى اهـ.
وكذلك وضع المصحف في القبر مما يُعرِّضه للنجاسة لا محالة.