أجر الصلاة في المسجد الحرام والمسجد النبوي:

اتفق الفقهاء على أن الصلاة في المسجد الحرام تعدل مائة ألف صلاة فيما سواه من المساجد , لما ورد فيها من أحاديث : منها قوله صلى الله عليه وسلم : { صلاة في مسجدي هذا خير من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام } والمعنى أن الصلاة فيه تفضل على مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم. وصلاة في مسجده صلى الله عليه وسلم بألف صلاة , كل صلاة بعشر حسنات , فتكون الصلاة في مسجده صلى الله عليه وسلم بعشرة آلاف حسنة , وتكون في المسجد الحرام بألف ألف حسنة.

الحسنات والسيئات بمكة:

و يَتَأَكَّدُ وُجُوبُ تَرْكِ الْمَعَاصِي فِي مَكَّةَ الْمُكَرَّمَةَ وَحَرَمِهَا ; لِأَنَّ الْمَعْصِيَةَ أَشَدُّ فِيهَا مِنْ غَيْرِهَا لقوله تعالى { : وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ }.

قَالَ مُجَاهِدٌ : تُضَاعَفُ السَّيِّئَاتُ بِمَكَّةَ كَمَا تُضَاعَفُ الْحَسَنَاتُ .
وَيَجِبُ تَنْزِيهُهَا عَنْ الْقِتَالِ فِيهَا وَيَجِبُ تَنْزِيهُهَا عَنْ حَمْلِ السِّلَاحِ لِقَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم { لَا يَحِلُّ لِأَحَدِكُمْ أَنْ يَحْمِلَ بِمَكَّةَ السِّلَاحَ } .
وَيَجِبُ تَنْزِيهُهَا عَنْ دُخُولِ الْكُفَّارِ . قَالَ تَعَالَى : { إنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا }.
وقال ابن مسعود: لو أن رجلا هم بخطيئة لم تكتب عليه ما لم يعملها , ولو أن رجلا هم بقتل مؤمن عند البيت وهو بعدن أبين أذاقه الله عز وجل في الدنيا من عذاب أليم .

وقال الضحاك : إن الرجل يهم بالخطيئة بمكة وهو بأرض أخرى فتكتب عليه , وإن لم يعملها .

وقال مجاهد تضاعف السيئات بمكة كما تضاعف الحسنات .

وسئل أحمد رضي الله عنه هل تكتب السيئة أكثر من واحدة ؟ فقال : لا إلا بمكة لتعظيم البلد , وأحمد على هذا يرى فضيلة المجاورة بها . ( والثاني ) أن معنى { ومن يرد } من يعمل وقال أبو سليمان الدمشقي : هذا قول سائر من حفظنا عنه انتهى كلام ابن الجوزي .

وكره بعض العلماء الجوار بمكة لأنه لما كانت الذنوب بها تتضاعف عقوبتها آثروا السلامة في ترك الجوار بها مخافة مواقعة الذنوب التي تتضاعف عقوبتها.

قوله تعالى ومن يرد فيه بإلحاد بظلم:

قال أبو بكر بن العربي في (كتابه أحكام القرآن): قوله : { ومن يرد فيه بإلحاد بظلم }المعنى : ومن يهم فيه بميل يكون ذلك الميل ظلما ; لأن الإلحاد هو الميل في اللغة , إلا أنه قد صار في عرف الشريعة ميلا مذموما , فرفع الله الإشكال , وبين أن الميل بالظلم هو المراد هاهنا , والظلم في الحقيقة لغة وشرعا وضع الشيء في غير موضعه , وذلك يكون بالذنوب المطلقة بين العبد ونفسه , وبالذنوب المتعدية إلى الخلق , وهو أعظم . ولذلك كان ابن عمر له فسطاطان : أحدهما في الحل , والآخر في الحرم ; فكان إذا أراد الصلاة دخل فسطاط الحرم , وإذا أراد الأمر لبعض شأنه دخل فسطاط الحل , صيانة للحرم عن قولهم : كلا والله , وبلى والله , حين عظم الله الذنب فيه , وبين أن الجنايات تعظم على قدر عظم الزمان , كالأشهر الحرم.

وعلى قدر عظم المكان , كالبلد الحرام , فتكون المعصية معصيتين : إحداهما بنفس المخالفة , والثانية بإسقاط حرمة الشهر الحرام , أو البلد الحرام فإن أشرك فيه أحد فقد أعظم الذنب , ومن استحله متعمدا فقد أعظم الذنب , ومن استحله متأولا فقد أعظم الذنب قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { إن مكة حرمها الله يوم خلق السموات والأرض , فهي حرام بحرمة الله لم تحل لأحد قبلي , ولا تحل لأحد بعدي , فإن أحد ترخص فيها بقتال رسول الله صلى الله عليه وسلم فقولوا : إن الله أذن لرسوله , ولم يأذن لكم } .