ما يقال من أن الحجر الأسود من الجنة فهذا قد وردت به الآثار.
وأما حكم تقبيله فإنه سنة لمن قدر على ذلك حاجا كان أو معتمرا أو طائفا بالبيت؛ ولكن دون أن يؤذي أحدًا.
وقد روي عن عمر رضي الله عنه أنه قال: “والله أني أعلم أنك حجر لا تنفع ولا تضر ولولا أني رأيت رسول الله ﷺ قبلك ما قبلتك ”
وكان رسول الله ﷺ يقبله إذا تمكن من ذلك؛ وإذا لم يتمكن أشار إليه من بعيد بيده أو بما يكون في يده إذا لم يستطع الوصول إليه، ولهذا فمن أتى بهذا التقبيل فقد أتى بالسنة، وإن لم يتمكن أشار إليه بيده أو بعصا أو ما شاكل ذلك فقد أتى بما يستطيع من هذا الاستلام.
بقول فضيلة الشيخ عطية صقر-رحمه الله تعالى- رئيس لجنة الفتوى الأسبق بالأزهر :
عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: “نزل الحجر الأسود من الجنة، وهو أشد بياضًا من اللبن، فسودته خطايا بني آدم” رواه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح، ورواه ابن خزيمة في صحيحه، إلا أنه قال “أشد بياضًا من الثلج” وروى الطبراني في معجمه الأوسط ومعجمه الكبير مثله بإسناد حسن وكذلك البيهقي.
وعن عبد الله بن عمرو -رضي الله عنهما- قال: نزل الركن الأسود من السماء فوضع على أبي قبيس “جبل” كأنه مهاة بيضاء -أي بلورة- فمكث أربعين سنة ثم وضع على قواعد إبراهيم. رواه الطبراني في معجمه الكبير موقوفًا على عبد الله بن عمرو بإسناد صحيح، أي ليس مرفوعًا إلى النبي –ﷺ.
وجاء في الروايات التاريخية أن إبراهيم -عليه السلام- طلب حجرًا مميزًا يضعه في البيت فجاءه به جبريل عليه السلام.
نأخذ من مجموع هذه الروايات أن الحجر الأسود من الجنة، وأنه كان أبيض فسودته خطايا بني آدم، لكن درجة الأحاديث مترددة بين الصحة والحسن، وهي على كل حال لم تبلغ درجة التواتر، فهي أحاديث آحاد. ولو كانت صحيحة فإن هناك خلافًا بين العلماء في إفادة حديث الآحاد الصحيح القطع والعلم اليقين.