إن الإسلام دين يحفظ لكل إنسان يعيش في كنفه حريته وكرامته، دين يقوم على التراحم والتكافل، واللقيط نفس محترمة يجب على المجتمع أن يتكاتف لرعايته لتتوفرله الحياة الكريمة التي تهيؤه لأن يكون عضوا فعالا في المجتمع لا عالة على الآخرين ويكون أداة إصلاح وتعمير لا أداة فساد وتدمير، ولكن لا يجوز لمن يتكفل برعاية اللقيط أن ينسبه لنفسه فلا ينسب للشخص إلا ماؤه أي من كان من صلبه، وليس للقيط حق في الميراث، ولكن لا يمنع ذلك من البر به وذلك بالوصية له.
يقول فضيلة الشيخ جاد الحق علي جاد الحق –رحمه الله- شيخ الأزهر السابق:
إنَّ لفظ اللَّقيط إنَّما يُطلَق على المولود الذي ألقتْه مَن ولَدَته في الطريق حتى يلتقطه مَن يرعاه، وفي الأغلب يحدُث هذا مِمّن حمَلتْ به سفاحًا، لا سيما إذا كانت مسلمة؛ لِمَا يلحقُها وأهلَها من عار الحمل دون عَقد زواج.
ولقد وضع فقهاء المُسلمين على اختلاف مذاهبهم الفِقهيّة بابًا سمَّوْه باب اللَّقيط، ودَعَوْا إلى الرِّفق به وإنقاذه من الهلاك، ونقلوا آثارًا مرَغِّبة في ذلك؛ بوصفه إنسانًا لا ذنب له في وصفه أو في وضعه الاجتماعى.
ومع هذه الرِّعاية فقد حرَّم الله في القرآن نسبتَه إلى ملتقِطه أو مَن يقوم بتربيته، ففي سورة الأحزاب قول الله سبحانه:
(مَا جَعَلَ اللهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ ومَا جَعَلَ أَزْوَاجَكُمُ اللاّئِي تُظاهِرونَ مِنْهُنَّ أُمَّهَاتِكُمْ ومَا جَعَلَ أَدْعِياءَكُمْ أَبْنَاءَكُمْ ذَلِكُمْ قَوْلُكُمْ بِأَفْوَاهِكُمْ واللهُ يَقُولُ الحَقَّ وهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ. ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللهِ فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آبَاءَهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ ومَوَالِيكُمْ ولَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ ولَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وكَانَ اللهُ غَفُورًا رَحِيمًا) “الآيتان 4،5”
لمّا كان ذلك حرُم إلحاق اللقيط بإطلاق اسم من قام بتربيته عليه باعتباره ولدًا له، سواء كان اللَّقيط في الأصل مجهول النَّسَب أو معلوم النَّسب؛ نزولًا على حكم النَّصِّ القرآني المَتلو آنفًا،
كما أن اللَّقيط بهذا الاعتبار لا يرث ممَّن قام بتربيته بعد الوفاة؛ لأن الإرث بسبب البُنوّة الصحيحة؛ أي للمولود على فِراش زوجيّة صحيحة، وإن كان لمَن قام بالتربية أن يَبَرَّه بالوصيّة له أو بالهِبة المُنجَّزة في الحال.