سب النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أو إهانة المقدسات الإسلامية جريمة لا تغتفر في حق من يقوم بذلك، وهذا السب لا يتوجه لشخص النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وحده بل هو سب لكل مسلم ومسلمة إلى قيام الساعة، والله عز وجل يقول (النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ وَأُوْلُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ إِلَّا أَن تَفْعَلُوا إِلَى أَوْلِيَائِكُم  مَّعْرُوفًا كَانَ ذَلِكَ فِي الْكِتَابِ مَسْطُورًا) الأحزاب 16

وواجب المسلمين هو الدفاع عن مقدساتهم ونبيهم بما استطاعوا، والمقاطعة وإن كانت سلاحا حضاريا فعالا، غير أنه لا يكفي، فهذا يدخل في جهاد الدفع الذي هو فرض عين على كل مسلم كل حسب طاقته وقدرته، وعلى المسلمين أن يستفيدوا من هذه الأحداث لتعريف الناس جميعا بشخص رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وإطلاعهم على الجوانب المضيئة في سيرته فلو عرفوه لأحبوه وعلموا قدره .

ولكي يكون سلاح المقاطعة أكثر فعالية لا بد أن نضع له هذه الضوابط :

 أولا: أن الأصل في معاملة غير المسلمين الجواز، والتحريم هنا تحريم عارض ، فهو ليس محرم لذاته بل محرم لغيره، هو محرم لكسر شوكة العدو المحارب وتقوية شوكة المسلمين وإثراء اقتصادهم ، لأن الناس لن يستطيعوا العيش بدون بيع وشراء وأخذ وعطاء فلو تحولت هذه المعاملات التي تجري بين المسلمين وبين غير المسلمين إلى معاملات بين المسلمين بعضهم البعض لتحول حالهم من هذا الضعف والذلة إلى قوة وعزة.

ثانيا: المقاطعة الاقتصادية ليست هي المقصودة فقط بل لابد أن تكون هذه المقاطعة مقاطعة شاملة تشمل المقاطعة الاقتصادية والمقاطعة الثقافية والمقاطعة السلوكية والاجتماعية وغير ذلك حتى نقف حجر عثرة أمام المخالف لعقيدتنا الذي يريد عدونا أن يصدره إلينا بكل صوره وأشكاله حتى يدمر قيمنا ويهدم أخلاقنا ويستعبدنا لنظل مقهورين مأسورين نعيش على فتات موائده التي سلبها من قوتنا وأموالنا عنوة بغير حق .

ثالثا: إن فتاوى المقاطعة ليست حكما عاما يطبق في كل زمان ومكان وعلى كل الأشخاص في كافة الظروف والأحوال، بل هي فتاوى ترتبط بالزمان والمكان والأشخاص والظروف والأحوال ، فما يكون محرما على شخص قد لا يكون محرما على شخص آخر، وما يكون محرما في مكان قد لا يكون محرما في مكان آخر ، والأمر يخضع لفقه الموازنات وفقه الأولويات، كما يخضع لفقه المصالح والمفاسد، فدرء المفاسد مقدم على جلب المصالح، والمصلحة العامة تقدم على المصلحة الخاصة، ولو أن إنسانا مضطرا للعمل أو استيراد سلعة لا تتوافر عند غير أعدائنا فالضرورات تبيح المحظورات، لكن الضرورة تقدر بقدرها، ويتحمل الضرر الأدنى لدفع الضرر الأكبر إلى آخر هذه القواعد والضوابط الفقهية.

رابعا: ليست الشركات والأشياء التي يجب أن نقاطعها على قدر واحد ، فهناك شركات تأتي في المرحلة الأولى ثم تتبعها شركات دول الأخرى.

خامسا: على رجال الاقتصاد أن يقوموا بالدراسات الجادة حول هذه المسألة حتى يمكننا معرفة الشيء الهام الذي لو قاطعناه أثر في أعدائنا ومعرفة الأشياء التي لا بديل لها لدينا وغير ذلك من الأسس والضوابط التي تعين الفقيه على إصدار فتواه بشكل علمي صحيح.