الحديث أخرجه الترمذي في السنن كتاب: صفة جهنم: باب: ما جاء في صفة أهل النار 74/609،رقم 2585، من حديث ابن عباس بلفظ: أن النبي ـ ـ قرأ هذه الآية: (اتقوا اللهَ حقَّ تُقاتِه ولا تَمُوتُنَّ إلا وأنتم مُسلِمونَ) ( آل عمران:102) فقال رسول الله : “لو أنَّ قطرةً من الزَّقُّوم قُطِرَتْ في دار الدنيا لأفسدت على أهل الدنيا معايشَهم فكيف بمَن تكون طعامَه؟” وعقَّب عليه بقوله: “هذا حديث حسن صحيح”.
وأخرجه ابن ماجه في السنن، كتاب الزهد، باب: صفة النار 2 / 1446، رقم 4325. والإمام أحمد في المسند 1 /301، 338.
وأورده الألباني في صحيح الجامع الصغير 5 / 59 رقم 5126 من حديث ابن عباس رضي الله تعالى عنهما به.

معناه:
يختلف الباعث الذي يَحْمِل على فعل الخير والتحلي بالفضيلة من شخص لآخر، فمن الناس من يكون باعثه حب مُشَرِّع الخير والفضيلة، ومن الناس من يكون باعثه الرغبة في الثواب والمكافأة، فمن الناس من يكون باعثه الخوف من العقاب والألم.. وهلم جرًّا.
وكلما قَوِيَ الباعث كان الإقبال على فعل الخيرات والتحلي بها وبالفضائل، والعكس بالعكس.
والحديث الذي نحن بصدد شرحه الآن تحريض من طَرَف خفي لصنف من الناس ـ وهم الذين لا يفعلون الخير إلا خوفًا من العقاب والألم ـ تحريض لهم أن يُقْبِلوا على فعل الخيرات، وأن يتطهروا من الموبقات قبل أن يكون طعامهم الزَّقُّوم يوم القيامة.
وسبيل هذا التحريض بيان صفة الزَّقُّوم، وأنه لو أُلْقيت منه قَطْرة في دار الدنيا لأتت على الأخضر واليابس، ولأفسدت على أهل الأرض معايشَهم.
وأما عن صفة الزَّقُّوم:
-يقول الله تعالى: (أذلكَ خيرٌ نُزُلًا أم شجرةُ الزَّقُّوم. إنا جعلناها فتنةً للظالمينَ. إنها شجرةٌ تَخْرُجُ في أصلِ الجحيمِ. طَلْعُها كأنه رؤوسُ الشياطينَ. فإنهم لآكِلون منها فمالِئون منها البطونَ. ثم إنَّ لهم عليها لشَوْبًا مِن حميمٍ. ثم إنَّ مَرْجِعَهم لإلى الجحيم) (سورة الصافات: 62 ـ 68).
-وقال تعالى: (إنَّ شجرةَ الزَّقُّوم. طعامُ الأثيمِ. كالمُهْلِ يَشوي البطونَ. كغَلْي الحميم) (سورة الدُّخَان: 43 ـ 46).
-وقال تعالى: (ثمَّ إنَّكم أيها الضَّالونَ المُكَذِّبونَ. لآكِلونَ مِن شجرٍ مِن زَقُّوم. فمالِئونَ منها البطونَ. فشاربونَ عليه مِن الحميمِ. فشاربونَ شُرْبَ الهيمِ. هذا نُزُلُهم يومَ الدينِ) (سورة الواقعة: 51 ـ 56).

وقد فسر السلف الزَّقُّوم ـ في ضوء الآيات المتقدمة ـ بأنه شجرة نابتة في أصل سَقَر، أو في قَعْر جهنم، وأغصانها تمتد أو ترتفع إلى دَرَكَاتِها، وأن جهنم قد حُميت عليها بحيث صارت تَغْلي كالمُهْل، وأن أهل النار يتعاطَوْنَها حتى تمتلئ منها بطونهم، كما يغلي الحميم، وهو الماء الذي انتهى حرُّه، ثم بعد أكلهم منها يشربون عليه من الحميم شرب الهيم أي الإبل العِطاش، التي لا تُروَى أبدًا حتى تموت، وكذلك أهل جهنم لا يروون من الحميم أبدًا.

فيجب علينا كي نتقي أن نكون من أهل هذا الزقوم ما يلي :ـ

ضرورة الالتزام بمنهج الله بأن يفعل الإنسان الطاعات، ويُقْلِع عن المعاصي والسيئات قبل أن يأتيَ يوم لا بيعٌ فيه ولا خِلال، وقبل أن يصيرَ الزَّقُّوم طعامًا مستمرًّا، والحميم شرابًا دائمًا.
فظاعة العذاب في النار، وأن بها مالا عينٌ رأت، ولا أذنٌ سَمِعَت، ولا خَطَرَ على قلب بشر، وحَسْبُها صفة الزَّقُّوم الواردة في الحديث.
سَلْوة أهل الحق بأنه مهما تفنَّن أهل الباطل في إيذائهم وتعذيبهم واضطهادهم فإنهم لن ينالوا منهم، ولن يُؤْلِمُوهم بالكيفية التي ستقع لهؤلاء المجرمين في النار يوم القيامة.
عدم إغفال جانب العقاب في التربية، إذ في الناس من لا يفعل الخير ولا يتحلى بالفضيلة ابتداءً إلا إذا أُرْهِب أو خُوِّف.