من المعلوم أنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، وإذا قضى الله سبحانه أمرا فلا نملك إلا التسليم لحكمه مصداقا لقوله تعالى “وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالاً مُّبِيناً” الأحزاب 36
يقول فضيلة الدكتور محمد البهي ـ رحمه الله – عميد كلية أصول الدين سابقا- :
كثرة شيوع الخطأ لا يبرِّر صحته، كما لا يبرِّر اتباعه. فشيوع شرب الخمر في مجتمع لا يدلُّ على أن شربها صواب ويجب اتباعه. بل على العكس، ذيوع شُربِها دليل على وجود مرض اجتماعيٍّ يجب أن يعالَج المجتمع منه. وشيوع “الخَنفسة” بين المراهقين في وقت ما لا يدلُّ إلا على شيوع رُوح “اللامبالاة” وعدم الاكتراث بينهم، أكثر منها دلالة على صحة اتجاههم وصواب مسلكهم.
وعلى هذا النحو: إيثار البنت المراهقة أو المرأة الشابّة للباس يكشف عن ساقَيْها وفخذيها ومواضع الفتنة فيها لا يدلُّ على صحة فَهمها للحياة وأخذها بأسباب التقدُّم فيها. وإنما يدلُّ على تمكُّن “غريزة التقليد” منها. فهي تقلِّد ولو كان فيما تقلِّده ما يحمل على السخرية منها وابتذالها.
والاحتشام في الملبس على العكس لا يعرِّض البنت المراهقة أو المرأة الشابّة للسخرية. بل يوفِّر لها الاحترام، بجانب ما تتمتع به من خَفَر وحياء.
وإذا نهى القرآن الكريم عن التبرُّج في قوله: (ولا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الجَاهِليّةِ الأولَى) (الأحزاب: 33). فإنّه يُؤثِر للمرأة البُعد عن جوِّ الابتذال. كما يؤثِر لها أن تصونَ كرامتَها كأنثى، لا تعرِض نفسَها على الرجل كما تُعرَض السلعة على المشتري، وإنما تدعوه هو يحرص على طلبها كشيء عزيز ينشده. والتبرُّج هو أن تعرِض المرأة من بدنها ما يغرِي الرجل بها.
وما يجب أن يفعله الإنسان لا يتوقّف على مجاراة الآخرين له في مباشرته. وإنما يتوقف فقط على الامتناع به. ولو أنَّ كل واحد انتظر في أدائه ما يجب على فعل الآخرين له ما وقع أداء واجب في المجتمع. وإذنْ لا عليكِ ـ أيّتُها المسلمةـ في أن تحتشمي في ملبسكِ مهما تبرَّج غيرك من نظيراتك. بل إصرارك على الاحتشام سيكون عنوانًا على استقلال شخصيتك مما يلفت النظر إليك بالإعجاب، وليس بالسخرية.
أمّا معارضة والديك لاحتشامك في ملابسك فهو لخشيتهم أن تَكسُد سوقكِ في الإقبال عليك في سِنٍّ الزواج.. من أن تتهافت عليك العشَرات ممّن لا يعرفون سوى أنانيتهم وأهوائهم.