من فاتته فريضة بعذر وجب قضاؤها فورًا أو على التراخي ، ومن فاتته بغير عذر وجب قضاؤها على الفور وقدمت على النافلة ، فكيف يصرف المكلف وقته في عمل مخير فيه ويترك العمل الذي يطالَب به ، أما قضاء الفريضة مع نية السنة : فلا يكون ثواب من يصلي السنة كثواب من يتركها وينويها مع الفرض .
يقول فضيلة الشيخ محمد رشيد رضا– رحمه الله- :
ثبت أن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم نام مع أصحابه عن صلاة الصبح حتى طلعت الشمس وأيقظهم حرها فصلاها بهم كما يصليها في وقتها ، أذن بلال وصلوا ركعتي السنة ثم صلوا الفريضة ، والحديث في مسند الإمام أحمد وصحيحي البخاري ومسلم وغيرهما ، وهو يدل على أن السنن الراتبة تُقضى ، وأنها تقدَّم على الفريضة .
وهنا مسألة أخرى وهي أن من فاتته فريضة بعذر كنوم ونسيان وجب عليه قضاؤها ، قيل فورًا ، وقيل على التراخي ، وقيل إنها تُصلَّى أداءً ، ومن فاتته بغير عذر وجب عليه قضاؤها على الفور لا أذكر في ذلك خلافًا .
فإذا كانت هذه الفوائت كثيرة فلا معنى لصرف الوقت بالنفل الذي معناه الزيادة على الفرض ، وكيف تتحقق الزيادة بدون تحقق الشيء المزيد عليه ، وكيف يصرف المكلف وقته في عمل لا يطالبه الله به بعد الموت ويترك فيه العمل الذي يطالَب به ويعاقَب على تركه ؟ ! هذا هو فقههم في الاقتصار على الفرض ولكننا قيدناه بترك الصلاة لغير عذر .
وأما الفقه في كونه يثاب على الفرض ثواب السنة والفرض جميعًا فهو من حيث النية فقط كأن العبد يخاطب ربه : يا رب إنني أصرف وقتي هذا كله في الإنابة إليك ، وقضاء ما فاتني مما افترضت عليَّ وإن نفسي متوجهة إلى الزيادة والنفل ؛ ولكنني بدأت بالأهم فأثبني على نيتي هذه بمضاعفة الأجر .
وإذا كان الأصل في الثواب هو تأثير العمل الصالح في إصلاح النفس وترقية الروح – فلا شك أن الزيادة بالفعل ، وهي صلاة السنة يكون لها أثر زائد على أثر الفرض فلا يكون ثواب من يصلي السنة كثواب من يتركها وينويها مع الفرض .
وقد توسط علماء الشافعية فقالوا : إن السنن التي تتداخل ويُستغنَى ببعضها عن الآخر هي التي لا تُقصد لذاتها كسنة الوضوء ، وتحية المسجد ، فإذا توضأ الإنسان ودخل المسجد ووجد الإمام منتصبًا ونوى الفريضة مع سنة الوضوء وتحية المسجد كان له ثواب الجميع ؛ لأنه أدى الغرض من السُّنتين ، فإن المراد أن يصلي الإنسان بعد كل وضوء وعند دخول كل مسجد وقد فعل .
وأما الرواتب ونحوها فلا بد عندهم من فعلها لتحصيل ثوابها ؛ لأنها مقصودة بذاتها ، والحكمة فيها تكميل ما يكون من التقصير في الفريضة ، فإذا غفل القلب في الفريضة عن الله تعالى دقيقة أو دقيقتين ، وحضر مثل هذه المدة في السنة كان ذلك جبرًا للنقص وتكميلاً للفرض .