لا مانع من قيام أحد العملاء بتوكيل أحد البنوك بتحصيل الشيكات المستحقة الدفع نظير أجرة متفق عليها تكون في مقابل ما يقوم به البنك من مهام لملاحقة العميل في التحصيل، كما لا مانع من إعطاء مستحق الشيك القيمة المتبقاة فورا بعد خصم العمولة، وقبل استيفائها ممن عليه الحق.

يقول الدكتور حسام الدين عفانة أستاذ الفقه وأصوله بجامعة القدس:-

أخذ العمولة على الشيكات الحالة ممن يستحق قيمة الشيك مقابل تحصيل هذه القيمة كما جرت عادة المصارف والصرافين من خصم 1% مثلاً على الشيك فهذه الصورة تخرج على أنها وكالة والوكالة تجوز بأجر وبدون أجر فهذه العملية ظاهر فيها الجواز شرعاً لأن العمولة التي يأخذها البنك هي أجرة له على التحصيل فهو وكيل مفوّض من قبل أصحاب هذه الأوراق علماً أن تحصيلها يتطلب جهداً كبيراً من البنك ويكلفه مصاريف انتقال المحصلين وإرسال الإخطارات للمدينين والإشعارات بسدادهم .

يقول الأستاذ الهمشري- من علماء مصر -:[ وبالتأمل في مفهوم كل من التحصيل للأوراق التجارية والوكالة أستطيع أن أقرر أن عملية التحصيل للأوراق التجارية لا تخرج عن كونها عملية توكيل للبنك بأجر وإذا أجزنا للمحامي الأجر مقابل وكالته في الدفاع سواء أكسب القضية أم خسرها فإن الوكيل – البنك – في عملية التحصيل للدين يستحق الأجر سواء تم التحصيل أم لا لأنه قام بالوكالة وحقق المطالبة بسداد الدين في ميعاد الاستحقاق واتخذ كافة وسائل التحصيل الممكنة … ] .انتهى .

وأما ما جاء في فتاوى بعض العلماء حيث ورد فيها ما يلي:-

[ وأما إذا كان قبض المبلغ غير مؤجل أي أنه حال ويستطيع الصيرفي قبض المبلغ من الجهة الموجه إليها الشيك في أي وقت يريد فالأمر فيه تفصيل:

فإذا كانت العملية تسمى صرفاً فتكون العملية غير جائزة وذلك لأن صورة الصرف الشرعية هي مبادلة مال بمال مثلاً بمثل دون زيادة وفي نفس المجلس يستلم الطرفان كل من الآخر دون أن يفترقا وفي هذه الصورة قد استلم صاحب الشيك مبلغه نقداً وأما الصيرفي فقد استلم ورقة فيها أمر بالدفع ولم يستلم نقوداً وقدم المبلغ أيضاً ناقصاً .

وأما إذا كانت العملية غير صورة الصرف … فصاحب الشيك المضمون قبضه حالاً غير مؤجل لسبب من الأسباب لا يتمكن من الذهاب للجهة الموجه إليها الأمر بالقبض فيكلف شخصاً آخر سواء الصيرفي أو غيره بأن يقوم بهذه المهمة مقابل أجرة معينة فيستلم الصيرفي الشيك المضمون قبضه حالاً ويعطي صاحبه مبلغه باستثناء الأجرة المتفق عليها … فهذه الصورة ليست فيها مخالفة شرعية … الخ ].

يقول الدكتور عفانة-هذه الفتوى فرقت بين المتماثلين في الحقيقة والواقع واعتمدت في التفريق على اختلاف الاسم فقط ففي الصورة الأولى التي تسمى صرفاً لا تجوز وفي الصورة الثانية التي تسمى مهمة مقابل الأجر تجوز وليس فيها مخالفة شرعية .

إن الشريعة الإسلامية لا تفرق بين المتماثلين وإن مضمون الصورتين واحد وإن اختلفت التسمية كما جاء في الفتوى . إن من القواعد المعلومة في الشريعة الإسلامية أن العبرة في العقود للمقاصد والمعاني لا للألفاظ والمباني وهذه القاعدة مستمدة من القاعدة الكلية الأخرى وهي الأمور بمقاصدها.

قال العلامة ابن القيم :- [ قواعد الفقه وأصوله تشهد أن المرعي في العقود حقائقها ومعانيها لا صورها وألفاظها ].
وقال في موضع آخر :[ والتحقيق أنه لا فرق بين لفظ ولفظ فالاعتبار في العقود بحقائقها ومقاصدها لا بمجرد ألفاظها ].
وبهذا يظهر لنا أن تفريق الفتوى بين الصورتين المذكورتين في صرف الشيك الحال تفريق غير صحيح لأن حقيقة الصورتين واحدة وإن اختلفت التسمية كما ورد في الفتوى .

وختاماً فالذي يظهر هو جواز صرف الشيكات الحالة مع دفع عمولة عليها كما هو متعارف الآن لدى البنوك والصرافين وأن هذه العمولة تخرج على أنها وكالة بأجر.