لا شك أن الإسلام حفز على عمل الخير ، وأثاب عليه ، ولكنه أراد أن يأمن المجتمع على أفراده في أنفسهم وأموالهم ، فلم يسمح بنهب أو سرقة الأموال ، كما لم يقبل عمل الخير بمال حرام ، وعليه فلا تقبل طاعة أساسها مال حرام .

يقول فضيلة الدكتور الشيخ أحمد الشرباصي الأستاذ بجامعة الأزهر رحمه الله :

لا شك أن بناء المساجد والمدارس وما شابهها طاعة من الطاعات، وقربة من القربات، وصالحة من الصالحات الطيبات، ولكن اللائق بالمسلم المنتظر منه هو أن يقوم بهذه الطاعات والقُربات، عن طريق مال حلال طيب، لا بمال حرام خبيث .

والرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ قد قال في الحث على الطيب: إن الله طيب لا يقبل إلا طيبًا. وقال في التخويف والتحذير والإبعاد عن الحرام: “كل لحم نبت من سُحْت فالنار أولى به”.

وليُسائل الإنسان نفسه طويلًا في هذا المجال: كيف يثيب الله إنسانًا سرق ونهب، واغتصب وانتهب، أو قامر وياسر، ثم جاء ليبني مسجدًا أو مدرسة أو مستشفى، من ذلك المال الذي لصه أو كسبه عن طريق المَيْسِر والقمار، أو أي طريق خبيث آخر من طرق الكسب الحرام؟.

إن الفقهاء قد قرروا أن الواجب على الإنسان إذا أراد الحج أن يكون المال الذي يحج به مالاً حلالاً طيبًا، وقالوا إنه لو أدَّى الحج بمال حرام لا يقبل الله حَجَّه ولا يُثَبُ عليه، وإن صح منه الحج، بأنه يسقط الفرض عليه.

ولكن الإنسان يكون آثمًا، وذلك كالشخص الذي يصلي في أرض مغصوبة، فإن الصلاة في حد ذاتها تصح، ويسقط بها الفرض، ولكن الإنسان يكون آثمًا.

ويمكن أن يُقال مثل هذا في حالة بناء المستشفى أو المدرسة بمال مكسوب بطريق حرام، فلقد يمكن للناس أن ينتفعوا بمثل هذه المنشآت، ولكن صاحبها لا يُثاب عليها، كما يُثاب ذلك الإنسان الذي يكسب المال الحلال الطيب وينفق منه على القربات والطاعات.

على أن اللائق بالإنسان الذي يحوز مالا حرامًا، ولا يجد له صاحبًا يستحقه، ولا يستطيع أن يُعيده إلى مصادره، أن يتوب إلى الله توبة نصوحًا، وأن يتصدق بهذا المال في أي وجه من وجوه الخير.