يقول الله سبحانه وتعالى فى كتابه العزيز { قل من حرم زينة الله التى أخرج لعباده والطيبات من الرزق } الأعراف 32 ، فالأصل إباحة التزين بكل ما خلق الله للإنسان فى هذه الدنيا .
وقد جاءت السنة مخصصة لهذا العموم فحرمت على الرجال لبس الذهب أو استعماله إلا فيما قضت الضرورة باستعماله منه .
لحديث علي رضى الله عنه قال ( رأيت رسول الله ﷺ أخذ حريرا فجعله فى يمينه وذهبا فجعله فى شماله ثم قال إن هذين حرام على ذكور أمتي ) رواه أبو داود بإسناد حسن .
وزاد ابن ماجه ( حل لإناثهم ) ولحديث أبى موسى الأشعرى رضى الله عنه أن رسول الله ﷺ قال ( حرم لباس الحرير والذهب على ذكور أمتي وأحل لإناثهم ) رواه الترمذى، وغير ذلك من الأحاديث التي وردت فى هذا الباب، ومنها حديث البراء بن عازب قال ( نهانا النبي ﷺ عن سبع - عن خاتم الذهب أو قال حلقة الذهب ) رواه البخارى .
وإلى ذلك ذهب جمهور الفقهاء فإنهم حرموا لبس الذهب واستعماله على الرجال دون النساء عملا بهذه النصوص، ولم يستثنوا من هذا العموم بالنسبة للرجال إلا ما تقضى الضرورة باستعمالهم له مثل الأنف لمن قطع أنفه، لما روى أن عرفجة بن أسعد قطع أنفه يوم الكلاب فاتخذ أنفا من ورق فأنتن عليه فأمره النبي ﷺ فاتخذ أنفا من ذهب رواه أبو داود .
وشد السن بالذهب لمن دعت حاجته إليه لما رواه الأثرم عن أبي حمزة وموسى بن طلحة وأبي رافع وإسماعيل ابن زيد بن ثابت أنهم شدوا أسنانهم بالذهب .
وقال أحمد روى أنه كان فى سيف عثمان بن حنيف مسمار من ذهب وقال إنه كان لعمر سيف فيه سبائك من ذهب من حديث ابن أمية عن نافع وروى الترمذي أن النبي - ﷺ - دخل مكة وعلى سيفه ذهب وفضة .
وغير ذلك من الآثار التي ورد فيها حل استعمال الذهب للرجال إذا دعت الضرورة إلى ذلك .
وإلى ذلك ذهب الحنفية فقد جاء فى الجزء الخامس من تنوير الأبصار وشرحه فى باب الحظر والإباحة ما ملخصه ولا يتحلى الرجل بذهب وفضة إلا بخاتم ومنطقة وحلية سيف من الفضة إذا لم يرد به التزين .
ويتخذ أنفا من الذهب ويشد السن به عند محمد وهو رواية عند أبي يوسف .
وذهب الشافعية إلى مثل ذلك قال النووى فى المجموع ( يجوز لمن قطع أنفه اتخاذ أنف من ذهب وإن أمكن اتخاذه من الفضة، وفى معنى الأنف السن والأنملة فيجوز اتخاذهما ذهبا بلا خلاف ) ثم قال إن اضطر إلى الذهب جاز استعماله باتفاق فى المذهب، فيباح له الأنف والسن من الذهب، وإلى ذلك ذهب المالكية والحنابلة، فالذهب حرام على الرجال فيما عدا ما تقضى الضرورة باستعماله منه .
ولا يدخل فى الذهب المحرم ماموه بالذهب، لأنه لا يمكن استخلاصه منه، ولا يطلق عليه اسم ذهب .
وكذلك يكره استعمال الفضة للرجال دون النساء إلا الخاتم .
فقد جوز الأئمة الأربعة اتخاذه من الفضة للرجال .
لما روى أنه ﷺ كان له خاتم من فضة وكان في يده الكريمة حتى توفي ﷺ .
ثم في يد أبى بكر رضى الله عنه إلى أن توفي ثم في يد عمر رضى الله عنه إلى أن توفي ثم في يد عثمان رضي الله عنه إلى أن وقع من يده فى البئر فأنفق مالا عظيما فى طلبه فلم يجده، وإلا ما تقضى الضرورة باستعماله منها .
وقد ذكرنا ما جاء فى تنوير الأبصار من قوله ( لا يتحلى الرجل بذهب ولا فضة إلا بخاتم ومنطقة وحلية سيف من الفضة إذا لم يرد به التزين ) وإلى ذلك ذهب جمهور الشافعية .
ولا يحل للرجال إلا التختم به وبه قال الجمهور .
وتحريم الحلي على وجه يتضمن التشبه بالنساء .
وكره الحنفية التختم بغير الفضة .
قال فى الدر المختار ( ولا يتختم إلا بالفضة لحصول الاستغناء بها فيكره بغيرها كحديد وصفر ورصاص وجاء فى حاشية رد المختار على الدر روى صاحب السنن بإسناده إلى عبد الله بن بريرة عن أبيه أن رجلا جاء إلى النبي ﷺ وعليه خاتم من شبه ( نحاس ) فقال مالي أجد فيك ريح الأصنام فطرحه، ثم جاء وعليه خاتم من حديد فقال ما لي أجد عليك حلية أهل النار فطرحه، فقال يا رسول الله أي شىء أتخذه فقال اتخذه من ورق ( فضة ) ولا تتمه مثقالا.
ويخلص من ذلك :
1- الذهب حرام على الرجال دون النساء عند جمهور الفقهاء عدا ما استثني منه للضرورة فإنه مباح للرجال وعدا الأواني فإنها حرام على النساء أيضا .
2- الفضة مكروه استعماله للرجال عند الحنفية وجمهور الشافعية إلا التختم فإنه يجوز التختم بالفضة بغير كراهة وإلا ما تقضي به الضرورة ويحرم على النساء اتخاذ الأواني من الفضة بالنص، وذهب بعض الشافعية إلى جواز استعمال الفضة للرجال بدون كراهة بشرط أن يكون استعمالهم لها على وجه لا يتضمن التشبه بالنساء .
3- ما عدا الذهب والفضة من حديد ونحاس وخلافهما باق على الأصل وهو الإباحة، ولم يخالف في ذلك إلا الحنفية الذين كرهوا التختم بشيء من المعادن المذكورة. انتهى كلام الشيخ.
وكذلك لايجوز للرجل لبس السلسلة أو الأسورة من فضة وذلك حتى لايتشبه بالنساء وقد لعن النبى ﷺ المتشبهين من الرجال بالنساء ولعن المتشبهات من النساء بالرجال.