‏ ‏اتفق الفقهاء على أنه يجوز للنساء التختم بالذهب ‏,‏ ويحرم على الرجال ذلك ‏,‏ لما روي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ‏{‏ أحل الذهب والحرير لإناث أمتي ‏,‏ وحرم على ذكورها ‏}‏ ‏.‏ ‏

‏واختلفوا في تختم الصبي بالذهب ‏:‏ فذهب المالكية ‏-‏ في الراجح عندهم ‏-‏ إلى أن تختم الصبي بالذهب مكروه ‏,‏ والكراهة على من ألبسه أو على وليه ‏,‏ ومقابل الراجح عند المالكية الحرمة ‏.‏ ‏

‏ونص الحنابلة ‏-‏ وهو قول مرجوح للمالكية ‏-‏ على حرمة إلباس الصبي الذهب ‏,‏ ومنه الخاتم ‏.‏ وأطلق الحنفية هنا الكراهة في التحريم ‏,‏ واستدلوا بحديث جابر رضي الله عنه قال ‏:‏ ‏{‏ كنا ننزعه عن الغلمان ونتركه على الجواري ‏}‏ وذهب الشافعية في المعتمد عندهم ‏-‏ وعبر بعضهم بالأصح ‏-‏ إلى أن الصبي غير البالغ مثل المرأة في جواز التختم بالذهب ‏,‏ وأن للولي تزيينه بالحلي من الذهب أو الفضة ‏,‏ ولو في غير يوم عيد ‏.‏

‏موضع التختم ‏:‏ ‏
‏لم يختلف الفقهاء في موضع التختم بالنسبة للمرأة ‏;‏ لأنه تزين في حقها ‏,‏ ولها أن تضع خاتمها في أصابع يديها أو رجليها أو حيث شاءت ‏.‏ ‏

‏ولكن الفقهاء اختلفوا في موضع التختم للرجل ‏,‏ بل إن فقهاء بعض المذاهب اختلفوا فيما بينهم في ذلك ‏:‏ فذهب بعض الحنفية إلى أنه ينبغي أن يكون تختم الرجل في خنصر يده اليسرى ‏,‏ دون سائر أصابعه ‏,‏ ودون اليمنى ‏.‏ ‏

‏وذهب بعضهم إلى أنه يجوز أن يجعل خاتمه في يده اليمنى ‏,‏ وسوى بعض الفقهاء بين اليمين واليسار ‏;‏ لأنه قد اختلفت الروايات عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك ‏,‏ وقول بعضهم ‏:‏ إنه في اليمين من علامات أهل البغي ليس بشيء ‏;‏ لأن النقل الصحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ينفي ذلك ‏.‏ ‏

‏والمختار عند مالك رحمه الله التختم في اليسار على جهة الندب ‏,‏ وجعل الخاتم في الخنصر ‏,‏ وكان مالك يلبسه في يساره ‏,‏ قال أبو بكر بن العربي في القبس شرح الموطأ ‏:‏ صح عن ‏{‏ رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه تختم في يمينه وفي يساره ‏,‏ واستقر الأكثر على أنه كان يتختم في يساره ‏}‏ ‏,‏ فالتختم في اليمين مكروه ‏,‏ ويتختم في الخنصر ‏;‏ لأنه بذلك أتت السنة عنه صلى الله عليه وسلم والاقتداء به حسن ‏.‏ ولأن كونه في اليسار أبعد عن الإعجاب ‏.‏ ‏

‏وقال الشافعية ‏:‏ يجوز للرجل لبس خاتم الفضة في خنصر يمينه ‏,‏ وإن شاء في خنصر ‏يساره ‏,‏ كلاهما صح فعله عن النبي صلى الله عليه وسلم لكن الصحيح المشهور أنه في اليمين أفضل لأنه زينة ‏,‏ واليمين أشرف ‏.‏ ‏

‏وقال بعضهم ‏:‏ في اليسار أفضل ‏.‏
وفي سنن أبي داود بإسناد صحيح أن ابن عمر رضي الله عنهما كان يتختم في يساره ‏,‏ وبإسناد حسن أن ابن عباس رضي الله عنهما تختم في يمينه ‏.‏ ‏

‏وعند الشافعية أن التختم في الوسطى والسبابة منهي عنه لما ورد عن علي رضي الله تعالى عنه قال ‏{‏ ‏:‏ نهاني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أتختم في أصبعي هذه أو هذه قال ‏:‏ فأومأ إلى الوسطى والتي تليها ‏}‏ ‏.‏ ‏

‏وقال الحنابلة ‏:‏ لبس الخاتم في خنصر اليسار أفضل من لبسه في خنصر اليمين ‏,‏ نص عليه في رواية صالح ‏عن أبيه أحمد بن حنبل ,‏ وضعف في رواية الأثرم وغيره التختم في اليمنى ‏,‏ قال الدارقطني وغيره ‏:‏ المحفوظ أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يتختم في يساره ‏,‏ وأنه إنما كان في الخنصر لكونه طرفًا ‏,‏ فهو أبعد عن الامتهان فيما تتناوله اليد ‏;‏ ولأنه لا يشغل اليد عما تتناوله ‏.‏ ‏

‏وعند الحنابلة أنه يكره لبس الخاتم في سبابة ووسطى للنهي الصحيح عن ذلك ‏.‏ وظاهره لا يكره لبسه في الإبهام والبنصر ‏,‏ وإن كان الخنصر أفضل اقتصارا على النص ‏.‏ ‏انتهى

الموسوعة الفقهية
وعليه فإن الأمر فيه فسحة،فيجوز لبسه في اليمين أو اليسار،وهذا من باب التيسير على الأمة،ولا مانع من وضع الخاتم في اليد اليسرى.

‏‏