إن تناول ما فيه شيء من الطيب لا يفسد الإحرام، ولكنه يوجب الفدية إن تيقن وجود الطيب ولم يتغير وبقيت فيه رائحته، وإلا فلا، وعند المالكية لا تجب الفدية وإن وجدت رائحته لأن الطبخ غيّره وأخرجه عن كونه طيبا، وأما المأكولات العطرية فلا شيء فيها.

يقول فضيلة الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله :

إذا تناول الحاج او المعتمر ما فيه زعفران عن جهل فإنه لا يفسد الإحرام ولا يلزمه شيء ، وإذا كان عنده شك هل هذا زعفران أو لا ؟ فلا يلزمه شيء أيضا.

وإن تيقن أنه زعفران وقد علم أن المحرم لا يجوز أن يشرب القهوة التي فيها الزعفران ، فإنه إن كانت الرائحة موجودة فقد أساء ، وإن كانت غير موجودة وليس فيه إلا مجرد لون فلا حرج عليهم في هذا .

ويقول الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله :

“المحرم الذي يشرب القهوة وفيها زعفران يكون قد أساء ؛ لأن الزعفران طيب فلا ينبغي استعماله في القهوة في حق المحرم ، كما لا ينبغي استعماله في ملابسه ولا في بدنه وهو محرم ، فإذا فعل ذلك الرجل المحرم أو المرأة المحرمة جهلا أو نسيانا فلا شيء عليهما ، أما إن تعمد ذلك وهو يعلم أنه محرم ولا يجوز ، فإنه يتصدق بإطعام ستة مساكين لكل مسكين نصف صاع من التمر أو الحنطة ، أو يصوم ثلاثة أيام ، أو يذبح شاة” انتهى .

فتناول المحرم بالحج أو العمرة للقهوة الممزوجة بالزعفران وغيره من الطيب لا يفسد حجه ولا عمرته، لكن ينظر في هذا الأمر هل تترتب عليه فدية أم لا؟

فإن كان الزعفران ونحوه ليست له رائحة حال استعماله فلا فدية فيه، وعند المالكية وبعض أهل العلم إذا تم طبخه بالنار لا فدية فيه ولو مع وجود طعمه أو ريحه أو لونه، قال ابن قدامة في المغني:  وجملة ذلك أن الزعفران وغيره من الطيب، إذا جعل في مأكول أو مشروب، فلم تذهب رائحته، لم يبح للمحرم تناوله، نيئا كان أو قد مسته النار. وبهذا قال الشافعي. وكان مالك وأصحاب الرأي لا يرون بما مست النار من الطعام بأسا، سواء ذهب لونه وريحه وطعمه، أو بقي ذلك كله، لأنه بالطبخ. استحال عن كونه طيباً. انتهى.

وفي الموطأ للإمام مالك: سئل مالك عن طعام فيه زعفران هل يأكله المحرم فقال: أما ما مسته النار من ذلك فلا بأس أن يأكله المحرم، وأما ما لم تمسه النار من ذلك فلا يأكله المحرم.

وفي المنتقى للباجي شرح الموطأ : وهذا كما قال إن الزعفران وغيره من أنواع الطيب إذا خلط بمأكول وأنضج بالنار لا بأس أن يأكله المحرم هذا الذي ذكره مالك في الموطأ، ونحوه في المدونة. انتهى.

أما إذا كان الزعفران ونحوه له رائحة حال استعماله ولم يتم إنضاجه بالنار ففيه الفدية على كلا القولين.

أما الهيل فلا حرج على المحرم في تناوله ولا شيء عليه ففي نهاية الزين لأبي عبد المعطي محمد بن عمر الشافعي أثناء كلامه على استعمال المحرم للطيب : وخرج بما يقصد به رائحته ما يقصد به الأكل أو التداوي وإن كان له ريح طيبة كالتفاح وسائر الأبازير الطيبة كالقرنفل والهيل الهندي فلا يحرم . انتهى.