من علم أن سلعة بعينها مسروقة أو مغصوبة فلا يجوز له شراؤها، وإلا كان شريكا مع من سرقها في الإثم، ولا يجب على المشتري أن يسأل البائع عن كيفية حصوله على السلع التي بيده ؛ لأن الأصل أن ما بأيدي الناس هو من ملكهم.

أما إن اشتهر أن الأشياء المسروقة تباع في المكان الفلاني فلا يجوز أن يذهب المسلمون لهذا المكان للشراء لأنهم يعلمون علما مسبقا أن هذه الأشياء مسروقة لا يجوز التعامل فيها، والقول بالحرمة هو الحكم الموجود في المسألة لا فرق بين الأشخاص أو المؤسسات.وهذا فحوى كلام العلماء في هذه المسألة وتفصيله الآتي:

يقول فضيلة الدكتور الشيخ يوسف القرضاوي :-

إن للإسلام فلسفة معلومة في محاربة المنكر والفساد، وهي تقوم على حصاره وإغلاق الأبواب دونه بكل سبيل. ولهذا لم يكتف الإسلام بتحريم الشر والمنكر، بل حرم كل ما يؤدي إليه، أو يساعد عليه. ولهذا اعتبرت من القواعد والمبادئ الأساسية في شأن الحلال والحرام: القاعدة التي تقول: (ما أدى إلى حرام فهو حرام).

ودليل هذه القاعدة أن الله تعالى يقول في القرآن: {وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللّهِ يُكَفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلاَ تَقْعُدُواْ مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُواْ فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِّثْلُهُمْ إِنَّ اللّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا } النساء:140.

وقد أتي إلى الخليفة الراشد عمر بن عبد العزيز بجماعة شربوا الخمر، ليقام عليهم حد السكر، وقيل له: يا أمير المؤمنين، إن فيهم رجلا لم يشرب معهم، وإنما كان جليسا لهم، بل هو صائم، فقال عمر: به فابدأوا، وتلا الآية السابقة: {إنكم إذًا مثلهم}

والنبي صلى الله عليه وسلم لم يلعن (آكل الربا) وحده، بل لعن معه مؤكله وكاتبه وشاهديه، وقال: هم سواء.
كما لم يلعن شارب الخمر وحده، بل لعن فيها عشرة، منها عاصرها ومعتصرها، وحاملها والمحمولة إليه، والمقصود كل من يعين على شربها.

ومن الصور التي حرمها الإسلام ليحارب بها الجريمة، ويحاصر المجرم في أضيق دائرة أنه لم يحل للمسلم أن يشتري شيئًا يعلم أنه مغصوب أو مسروق أو مأخوذ من صاحبه بغير حق ؛ لأنه إذا فعل يعين الغاصب أو السارق أو المعتدي على غصبه وسرقته وعدوانه . قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: ” من اشترى سرقة – أي مسروقًا – وهو يعلم أنها سرقة، فقد اشترك في إثمها وعارها . (رواه البيهقي).

ولا يدفع الإثم عنه طول أمد المسروق والمنهوب، فإن طول الزمن في شريعة الإسلام لا يجعل الحرام حلالاً، ولا يسقط حق للمالك الأصلي بالتقادم كما تقرر ذلك بعض القوانين الوضعية. أهـ

لذا فإنه يحرم شراء المسروقات إذا علم المشتري بأنها مسروقة لما في شرائها من إعانة السارق على الإثم والعدوان، الذي نهانا الله عنه بقوله:وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْأِثْمِ وَالْعُدْوَانِ [المائدة:2]، كما أن بيع المسروق لا يصح، لأن من شروط البيع ملك المبيع للبائع، والسارق غير مالك له، لأنه حصل عليه بطريق غير مشروع، والمال الذي هذا من شأنه لا تثبت ملكيته لآخذه.

والواجب على المشتري إذا علم أن ما أشتراه مسروق، أن يرد العين المسروقة إلى صاحبها ويطالب السارق بالثمن، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: إذا سُرق من الرجل متاعٌ، أو ضاع له متاع فوجده بيد رجل بعينه، فهو أحق به ويرجع المشتري على البائع بالثمن. رواه أحمد وحسنه الشيخ شعيب الأرناؤوط.